5 دقائق

ورقة خاسرة

ميره القاسم

كل شيء مختلف في السياسة الإيرانية، فمن يتابع التصريحات الصادرة من طهران يشعر بأن الدنيا ستنقلب رأساً على عقب، ويعتقد أن إيران دولة عظمى بالفعل من ناحية التكتيك السياسي والمقدرة على خوض حروب حقيقية تمكنها من الاحتفاظ بأذرع الأخطبوط التي بدأت تتوسع منذ سنوات قليلة الزيارة التي قام بها أحمدي نجاد إلى جزيرة أبوموسى الإماراتية المحتلة، إن دلت فإنما تدل على سوء نية باعتبارها سابقة خطيرة، أثارت استغراب الكثيرين، وستؤدي إلى خسارة إقليمية ودولية أكثر مما ستكسبه؛ خصوصاً بعد تصاعد اللهجة الدولية ضد إيران.

هذه الزيارة أتت استمراراً للنهج التصعيدي الذي يمارسه النظام الإيراني من خلال التدخل في شؤون دول المنطقة العربية، وخصوصا مجلس التعاون، وعدم احترام سيادتها واستقلالية أراضيها. وهي حلقة من حلقات عدم احترام إيران للقوانين والمعاهدات الدولية، إذ تمثل سابقة خطيرة وانتهاكاً لسيادة الإمارات، وخرقاً واضحاً لاتفاق الدولتين حول خلق آلية تقوم على حل النزاع من خلال المفاوضات الثنائية، فتوقيت الزيارة في ظل ظروف غيّرت من واقع المنطقة، ومن دون شك من قواعد اللعبة السياسية أيضاً، وخالفت جميع السيناريوهات التي كانت متوقعة، يؤكد مدى ضعف الداخل الإيراني الآن، واستسلامه إلى خطاب عانى، كغيره، الأنظمة البائدة في المجتمع العربي. وذلك معناه أن زيارة نجاد، في ظني، جاءت للتأثير في الشأن الداخلي هناك، وردة فعل بائسة كمن يستمر في اللعب من دون معرفة إذا كانت هذه الورقة هي الرابحة أم لا. لقد اختارت الإمارات منذ أن سطت إيران على الجزر الإماراتية الثلاث قبل 41 سنة، صوت العقل والحكمة، والالتزام بالمعاهدات، ليس ضعفاً من الإمارات، بل لمكانتها المرموقة اقتصادياً وحضارياً، تحرص على حسن الجوار. ففي الوقت الذي التزمت فيه الإمارات، على مدار عام كامل، تجنب التصعيد في قضية الجزر لمنح الطرفين الفرصة للتفاوض، جاءت زيارة أحمدي نجاد لتخرق هذا الاتفاق وتشكل استفزازاً صارخاً، ونسفاً للادعاءات حول عزمها إقامة علاقات جيدة مع الإمارات ودول الجوار، وأكدت زيف كل الكلام الذي يتشدق به جميع المسؤولين الإيرانيين، وكشفت عن نيات إيران العدوانية تجاه كل الدول العربية وليس الإمارات فقط. آن الأوان لأن تحتل قضية الجزر الإماراتية صدارة الاهتمام الخليجي والعربي العام، وأعتقد أن على كل الدول العربية أن تدفع القضية إلى رأس القضايا العالمية وأن تصر على المطالبة بإحالة القضية إلى التحكيم الدولي، إذ إن هناك علامات استفهام كثيرة تدور حول التهرب الإيراني من اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، للاحتكام حول تبعية الجزر المحتلة، ولا يمكن تفسير ذلك إلا بوجود رغبة إيرانية في تعزيز وجودها بالخليج من خلال مثل هذه الممارسات التي لا تختلف عن سلوك الكيان الصهيوني، فالمبدأ واحد، الاحتلال واحد.

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر