أبواب

سالم سهيل خميس

سالم حميد

سالم سهيل خميس، عسكري أول رقم 190 من شرطة رأس الخيمة؛ قبل بضعة أيام من يوم 30 نوفمبر ،1971 جاء موعد تغيير دورية الحراس العاملين في جزيرة طنب الكبرى، حيث يتم تغيير الحراس كل شهرين، وتم تغيير كل الحراس باستثناء سالم سهيل، وذلك لأن أحد زملائه، اسمه إبراهيم عوض، رفض البقاء في الجزيرة، فبادر سالم سهيل بأن يحلّ محله، وبقي سالم في الجزيرة يؤدي مهامه بصحبة زملائه العسكريين: حنتوش، حسن علي محمد، محمد عبدالله عبيد، محمد علي صالح، علي محسن محمد، ويرأسهم سالم سهيل، أي أن العدد الإجمالي الذي كان يحرس الجزيرة ستة عسكريين فقط.

استيقظ سكان الجزيرة البسطاء، والذين لم يتجاوز عددهم 120 فرداً فجر ذلك اليوم المشؤوم لأداء صلاة الفجر، على أصوات أزيز الطائرات العسكرية المرعبة وسط ذلك الظلام الدامس، ولحظات قليلة ويرتفع صوت الضجيج إلى أعلى فأعلى، وما كان الضجيج سوى أصوات السفن والزوارق البرمائية الحربية الإيرانية المدججة بأحدث الأسلحة، تستعد لمواجهة ستة عسكريين إماراتيين فقط، وبعد لحظات رست السفن الإيرانية، بينما طائراتهم مستمرة في الحوم حول الجزيرة، وإخافة سكانها البسطاء الذين لم يشاهدوا في حياتهم تلك الآلات العسكرية من قبل، وحينها أدرك العسكريون الإماراتيون أنهم يتعرضون لغزو إيراني، فقاموا بإبلاغ شرطة رأس الخيمة عبر جهاز اللاسلكي، ثم وضعوا أنفسهم على أهبة الاستعداد، ينتظرون قدوم النجدة من رأس الخيمة، ولكن بماذا قاتلوا تلك الآلة الإيرانية المدججة بالسلاح؟ ببنادق بسيطة من نوع «أي فان».

قبل أن تبدأ المعركة، قام الغزاة بإسقاط المنشورات على أهالي الجزيرة، تأمرهم بالاستسلام فوراً وعدم المقاومة، وأنهم منذ اليوم أصبحوا من رعايا الدولة الإيرانية، وهذا ما رفضه أهالي الجزيرة، وبمجرد اقتراب الغزاة من مركز شرطة الجزيرة بادر العسكريون الستة بإطلاق النار على الغزاة الذين ردوا هم الآخر بوابل من الرصاص الذي كان يخترق مبنى المركز، ثم أمر سالم سهيل زملاءه بالتجمع حول سارية علم رأس الخيمة، والدفاع والذود عنه والحرص على عدم إنزاله نهائياً من السارية، ثم نجح الفرس في تعطيل جهاز اللاسلكي، فازداد الأمر تعقيداً وإرباكاً على حراس الجزيرة، لكنهم استمروا في إطلاق النار على كل من يحاول من الغزاة اختراق مركز الشرطة، ثم هدأت المعركة قليلاً وطلب الغزاة التفاوض على استسلام الجنود الإماراتيين، ولكن سالم سهيل ردّ عليهم أن علم بلاده لن ينزل من ساريته، فكان الردّ الإيراني بوابل كثيف من الرصاص لمبنى الشرطة، تنهمر كالمطر على جميع أجزاء المبنى، والجنود الإماراتيون يردّون عليهم، كل واحد من الستة اختار جانباً من جوانب المبنى لإطلاق النار على الفرس، واستمر الحال هكذا لمدة ثماني ساعات، فاستعان حينها الفرس بجنود كوماندوز ومظليين لاقتحام المبنى، قُتل منهم أربعة على يد الجنود الإماراتيين، وكذلك قائد للإيرانيين برتبة جنرال، فرّد الفرس بإطلاق قذائف زوارقهم الحربية، وأصيب الجنود الإماراتيون بالإنهاك، وجرح اثنان منهم بطلقات إيرانية، وعندما أدرك سالم سهيل أنهم خسروا المعركة وقف عند سارية العلم رافضاً نزول العلم، فأطلق عليه الفرس النيران التي نهشت جسده، واستسلم الخمسة الباقون.

 

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر