في الحدث

«غلطة الشاطر»

جعفر محمد أحمد

أول ما يخطر في بال كل متابع لأحداث الساحة المصرية السياسية، خصوصاً بعد قرار الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، اختيار المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة، والرجل الثاني في التنظيم، لخوض الانتخابات الرئاسية في يونيو المقبل، كأول مرشح للجماعة في تاريخها، هو المثل الشعبي الذي يجسد حكمة المصريين، ويقول «غلطة الشاطر بألف». هذا المثل في معناه المفهوم ان خطأ الشخص العادي قد يمر من دون أن تترتب عليه تبعات أو تداعيات أو أضرار، أما «الشاطر»، أي الذكي بلغة الشارع، فإن أخطاءه لن تمر دون أضرار جسيمة له ولكل من له صله به قريباً كان أو بعيداً، ويسجلها التاريخ نقطة سوداء، خصوصاً اذا جاءت النتيجة عكس ما خطط له من تحقيق هدف ما أو غاية أراد الوصول إليها، وهنا تكون غلطته عظة وعبرة ودرساً لغيره من الأجيال المقبلة.

من حق الشاطر، كمواطن مصري، الترشح للرئاسة، وهذا أمر لا خلاف فيه، وقد شهد الجميع ظهور مرشحين من كل فئات الشعب المصري، سياسيين ومثقفين ورجال اعمال وحرفيين وفنانين، حتى من عامة الناس، والفيصل هو تحقق المعايير المطلوبة، ثم صناديق الاقتراع. لكن كون الشاطر لا يمثل نفسه، إنما يمثل جماعة لها وزنها السياسي وتاريخها، فهذه الخطوة ستكون لها تداعيات لا تخلو من مخاطر، خصوصاً انها جاءت لتنافس على المقعد الرئاسي، في مواجهة ثلاثة آخرين ينتمون إلى التيار الإسلامي أيضاً، أحدهم وهو الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل، الذي كان من «الإخوان» في مرحلة سابقة، وخاض انتخابات مجلس الشعب ،2005 مرشحاً عنها، والآن ينتمي إلى التيار السلفي، وله شعبية كبيرة بين البسطاء. والمنافس الثاني هو عبدالمنعم أبوالفتوح، المنشق عن «الجماعة»، والذي كان من ابرز قادتها والحائز توافقاً شعبياً واسعاً، وثالث المتنافسين المفكر الإسلامي محمد سليم العوا، صاحب الفكر الوسطي المدعوم من المتدينين غير المنتمين الى التيار السياسي.

اختيار «الإخوان» الشاطر لخوض معركة الفوز بالمقعد الرئاسي، ربما يكون خطأ استراتيجياً للحركة، وهي التي رأت من قبل ان تقف على الحياد، وألا تخوض غمار المنافسة بشكل مباشر، هذا الاختيار سبب شرخاً وانقساماً هو الأوسع في تاريخ الحركة، وسيسبب ارباكا في اوساط الناخبين، لأن الشاطر ينافس مرشحين أقوياء، خصوصاً أبوالفتوح والعوا وأبوإسماعيل، وهم لا يقلون عن الشاطر كفاءة والتزاماً بالعقيدة.

وإلى حين يونيو المقبل، حيث الفصل هو صناديق الاقتراع، فإن خطوة «الشاطر» حبلى بالعديد من المفاجآت، وقد تكون «غلطة»، ينطبق عليها المثل السابق، أو «ضربة معلم»!

jaafar438@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر