أبواب

حلم نورما جين

قيس الزبيدي

«في الحقيقة لست أنا الذي يتأخر، إنما الآخرون في عجلة من أمرهم».

مارلين مونرو

يحاول فيلم «أسبوعي مع مارلين»، كما كتب الزميل زياد عبدالله أنْ يقارب بين عالم نجمة التناقضات مارلين مونرو وبين بركة ولعنة جمالها الأخاذ الذي صنع «شباك التذاكر» من صاحبته نجمة للإغراء والإثارة، ولم تكن اليتيمة الحالمة نورما جين، التي نعرفها في السينما باسم مارلين مونرو، سوى حالة مأساوية من حالات حضور جسد المرأة في السينما، كما سبق أن حضر جسدها في فن الرسم. غويا مثلاً!

أين المأساة إذن؟

تُشخص المناصرة لقضايا المرأة وحقوقها غلوريا شتايم هذه المأساة: «عاشت مارلين في زمن نال فيه جسدها كل الإعجاب، لكنه أصبح بالنسبة لها السجن الذي تقبع خلف قضبانه».

تنتج المأساة من التعارض الصارخ في مصير الشخصية بين ما تريد «هي» عمله وبين ما تُرغم «هي» على فعله، فعلى الرغم من كل مساعي مونرو في محاولة الظهور ممثلة جادة، إلا أن المنتجين صنعوا منها بُعداً واحداً يتحدد في كونها رمزاً للإغراء، بحيث تبدو حتى شلالات نياغرا أمام حضور أنوثتها الطاغية ثانوية، يكتب الناقد تروفو عن مونرو: «أحببتها منذ نياغرا وحتى قبل ذلك. كيف يستطيع امرؤ ما اليوم أن يعزف عن مشاهدة فيلم تمثله مونرو؟».

منذ البداية بذلت مونرو جهوداً حثيثة لاكتساب المعرفة وتعرفت في مجال الأدب إلى أعمال جيمس جويس ووالت وايتمان، وأصبحت مولعة بالشعر وبكتب السيرة الذاتية، وحتى بعد أنْ عملت نجمة للإغراء مع مخرجين كبار كجون هيوستن وفريتز لانغ وهاورد هاوكس واوتو بريمنغر وبيلي فايلدر وغيرهم، انضمت إلى «استديو الممثل» الذي تدرب فيه مارلون براندو وجيمس دين وجين فوندا، لتتلقى تدريبها على التمثيل، ولتحقق حلمها في أن تصبح ممثلة قديرة.

تعرفت في هذه الفترة على بعض الشخصيات الأدبية البارزة وعلى الكاتب المسرحي آرثر ميللر، الذي انتهت علاقتهما بالزواج منه في عام ،1956 وقدم لها آرثر خاتم زواج ذهبياً نقش عليه من (أ) إلى (م) من الآن إلى الأبد!

ويبدو أن الحظ بدأ يبتسم لها، منذئذ، ونجحت ممثلة في فيلمين: «الأمير وفتاة الاستعراض»، مع المخرج الممثل الانجليزي لورنس اوليفييه و«البعض يحبها ساخنة» لبيلي وايلدر، الذي حصلت عنه على جائزة الكرة الذهبية.

تولى ميللر كتابة سيناريو فيلم الناشزون Misfits هدية لها، وشاركها في تمثيله كلارك غيبل الذي كانت تعده، حالمة، منذ سن المراهقة بمنزلة والدها المجهول، لكنه توفي فجأة على اثر نوبة قلبية بعد أسبوع من انجاز تصوير الفيلم، وجاء طلاقها من آرثر ميللر، ليشكل لها صدمة نفسية أقوى من صدمتها بوفاة كلارك غيبل.

صادف تصوير فيلمها الأخير الذي لم يكتمل «شيء ما لابد ويحدث»، الاحتفالات بعيد ميلاد الرئيس جون كندي في ربيع عام ،1962 وفي ليلة الحفل وقفت مونرو وهي تتلألأ بجمالها وبثوبها البراق تحت الأضواء الساطعة أمام حشد ضم أكثر من 15 ألفاً، لتغني بصوت ناعم ومهموس أغنيتها للرئيس الذي عقب: «أستطيع الآن التقاعد بعد سماع أغنية عيد ميلادي بهذا الصوت العذب!».

وبعد فترة شهرين ونصف الشهر عاشت خلالها وحيدة ومنعزلة، وُجدت جثتُها في منزلها بكاليفورنيا، ولم تكنْ قد تجاوزت سن الـ.36؟

alzubaidi0@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر