ملح وسكّر
**ما أجمله من فوز و ما أجملها من لحظة، تلك التي جعلت الوطن يتذوق حلاوةَ فرحة عمت شوارعه ومدنه من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، حيث تحقق الحلم وصار واقعاً بعد انتظار دام سنين طويلة. نعم إنها فرحة أحيت نفسها وأعادت الشريط لذكريات مضى عليها اثنان وعشرون عاماً، حينما أعاد أبيضنا الكبير كتابة تاريخ منتخبات المنطقة بصعوده إلى المونديال. وعاد أولمبينا ليكتب التاريخ من جديد ويسطره بأحرف من نور بصعوده إلى أولمبياد لندن .2012 ففي أوزبكستان كانت الملحمة، وظهرت الإرادة والعزيمة ومعدن الرجال، كون الإنجاز لم يتحقق إلا برغبة وشكيمة الكبار، فقد أنصفنا القدر ووقف بجانبنا وجعلنا نقلب الطاولة عليهم، ونفسد فرحتهم التي لم تكن سوى لحظات، حينما اعتقدوا أن الفوز والتأهل من نصيبهم، لكنهم لم يعلموا ما كان يحضره خليل ورفاقه من مفاجأة فجرت الملعب وهزت مدرجاته و أعلنت منح تذكرة لندن لنا، وأن العبور لعاصمة الضباب كان من هناك عبر بوابتهم. فشكراً لأولئك الرجال الذين لم يخيبوا الظن والأمل فيهم، فقد كانوا على العهد والوعد، حيث أهدوا الوطن فرحة لاتقدر بثمن، لأنهم باختصار جيل من ذهب!
**هل استحق زينغا مدرب النصر ذلك الهجوم والانتقاد اللاذع بُعيد لقاء فريقه مع دبي؟ قد تتفق الأغلبية على أنه يستحق أكثر من ذلك، كونه تجاوز الحدود وأساء للدولة، مثل ما تم فهمه في المؤتمر الصحافي وما تم تفسيره وتحليله من بعض فقهاء الرياضة لدينا. نعم أخطأ وتجب محاسبته ومساءلته من قبل إدارة العميد، وهو ما أحسنت صنعه من خلال بيانها الرسمي، لكن أن يستغل البعض الموقف ويقوم بتهويله ويغلظ الأيمان والوعيد للجنة الانضباط إذا ما لم توقع أقسى العقوبات عليه، فهذا بالطبع مرفوض، كون أن هناك جهة مخولة ومسؤولة عن هذا الأمر، ويفترض من أولئك ألا يفرضوا إملاءات ولا يقحموا بأنفسهم في هذه القضية، ويتداولوا بها تحت مسمى الوطنية، فالرجل أخطأ بالنسبة لنا، لكن بالنسبة له فهو يرى أن تلك العبارة طبيعية ومعتادة لديهم، فحينما ذكر أن الأمور تسير بطريقة جنونية في البلد، كان يقصد ما حدث قبل المؤتمر الصحافي من استعجال لحضور المؤتمر، فخرجت منه هذه العبارة التي لم يكن يقصد منها الإساءة أو التقليل من أحد، حسب ما صرح به لأحد المقربين له، لكن البعض فسرها ونقلها بطريقة مهولة أججت مشاعر الشارع الرياضي. لذلك نحن لسنا في موقف الدفاع عنه، بقدر ما نريد توضيح الصورة والقصد مما قاله، أما الفهم والاستيعاب فهما مسألة تخص المتلقي والمستمع وتختلف من شخص إلى آخر. عموماً حدث ما حدث، واعتذر المدرب وناله من التوبيخ واللوم ما ناله، لكن تلك الأصوات التي تعالى صراخها وزعيقها دفاعاً عن الوطن، ليتها لو تفوهت بحرفٍ واحد ضد ما تعرضنا له في «خليجي 18»، وما تعرض له الوصل في بطولة أندية الخليج، والإساءات العلنية التي وصلت إلى حد التجريح لرموز وطننا الغالي!
**قرار ماجد ناصر الاعتزال النهائي جاء متسرعاً مثل تصرفاته وأفعاله التي جرته إلى بحر المشكلات، فالقرار من وجهة نظري خاطئ وفيه شيء من الاستعجال، لكن قد يكون لماجد مأرب من خلاله للضغط على اتحاد الكرة من أجل تخفيف العقوبة، وربما يكون صحيحاً ينشد فيه الابتعاد، بعدما وجد نفسه فاقداً للسيطرة على أعصابه و التحكم بها. فسواء كان السبب هذا أو ذاك ، فإن الخاسر الأكبر هو ماجد، ثم كرة الإمارات التي تفتقد المواهب، خصوصاً حراس المرمى. لذلك فإنه ينبغي عليه إعادة النظر في قراره وعدم الاستعجال والتفكير جيداً فيه، بغض النظر عن قسوة العقوبة، فالوقفة الحالية مفيدة له للجلوس مع نفسه، ولمراجعة سلوكه وأفعاله داخل الملعب، لأنه هو من ظلم نفسه وعليه تقبل ردة الفعل التي تصدر ضده نتيجة تصرفاته!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .