في الحدث

عن مجزرة قندهار

جعفر محمد أحمد

تصوروا معي لو كان ذلك الجندي الأميركي، مرتكب مجزرة قندهار، التي راح ضحيتها الأحد الماضي 16 أفغانياً، بينهم أطفال ونساء وكبار سن، عربياً أو مسلماً، أو اجتمعت فيه الهويتان معاً، أو حتى يحمل اسماً عربياً، أو ناطقاً باللغة العربية، عندها سنسمع من الغرب ومدعي حماة الحرية وحقوق الإنسان العجب العجاب من المسميات والصفات، ما يتجاوز كلمات، إرهابي، متطرف، جزار، مصاص دماء، وهلم جرا، مروراً بكيل الاتهامات عبر وسائل الإعلام، المسموع منها والمقروء، مع فرد مساحات واسعة في الصحف تصور بشاعة وفظاعة الحادث، هذا هو الواقع الذي اعتدنا عليه، سواء حصل في أفغانستان أو في الشرق الأوسط، وتحديداً فلسطين والعراق المنكوبتين بنيران الاحتلال وقواته، أو حتى في الولايات المتحدة وأوروبا ودول الغرب عموماً.

للأسف حاول وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، تصوير جريمة إطلاق النار على القرويين الأفغان بأنها حادث فردي، وقلل من بشاعتها بالقول «الحرب جحيم، فهذه النوعية من الحوادث ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة»، وزاد على ذلك بأن الجندي سيعاقب إذا ثبتت إدانته! مضيفاً أن المسؤولين الأميركيين لايزالون غير متأكدين من الدافع وراءه.

هذه هي عدالة الغرب، حال كان من ارتكب الجرم من بني جلدتهم، أما إذا كان مجرد شرق أوسطي أو مسلماً، فإن التهمة ثابتة قبل أن يبدأ التحقيق - إن لم يقتل في حينها - ولو كان دافعه قوياً، وبعدها تتوالى الاتهامات الظنية بأن «الإرهابي» لا يعمل بمفرده، بل ينتمي إلى تنظيم يعمل في أكثر من دولة، وأنه نفذ عمليته بعد تخطيط دقيق استمر أشهراً عدة.

لا نستبعد بعد أيام أن نسمع أن هذا الجندي يعاني حالة مرضية أو نفسية، دفعته، حسب مسؤول عسكري أميركي، إلى «أن يخرج في الصباح الباكر، ويتوجه إلى تلك المنازل، ويطلق النار على تلك الأسر، ثم يعود إلى قاعدة العمليات المتقدمة ويسلم نفسه ببساطة، ويحكي لزملائه ما حدث». ما يدعم هذا الاستنتاج قول مسؤول أميركي إن الجندي المتهم بالقتل سبق له أن عُولج من إصابة شديدة في الدماغ، بعد انقلاب مركبة في العراق عام ،2010 مشيراً إلى احتمال وجود صلة بين تلك الإصابة والمذبحة التي ارتكبها في قندهار.

أحداث أفغانستان الأخيرة المتمثلة في إطلاق نيران صديقة من جنود أفغان على زملائهم الغربيين، إذ قتل ستة عسكريين أميركيين على يد زميلهم الأفغاني، وأيضاً مقتل مستشارين في مكتبهما في وزارة الداخلية في كابول برصاص زميل أفغاني، وجريمة إحراق المصاحف في قاعدة باغرام العسكرية الأميركية، وما كشفه أخيراً شريط فيديو على الإنترنت عن تبول جنود أميركيين على جثث أفغان، وأخيراً مجزرة قندهار، مؤشرات تنذر القوات الأجنبية في أفغانستان بأنها ستواجه أياماً صعبة قبل مغادرتها الأراضي الأفغانية بحلول نهاية عام .2014

jaafar438@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر