يا جماعة الخير

العمل من أجل الإعلام فقط!

مصطفى عبدالعال

بعد سنوات حافلة بالملذات والغفلة سقط الرجل في سلسلة من الأمراض، استنفدت منه معظم أمواله، وانهارت صحته، وانقطعت عنه صحبة المصلحة والانتفاع، فأفاق الرجل على حقيقة أمره، وأدرك تقصيره في حق ربه ونفسه وأهله فعزم على استخدام العقل في كيفية استقبال لقاء الله عز وجل، وأخذ في تطبيق عناصر التوبة من ندم، ورد المظالم بقدر المستطاع، واستسماح من لا يقدر على رد مظلمته من قذف أو مسّ عرض أو ما إلى ذلك، وبدأت بوادر القبول تظهر عليه في ما يرى في نومه من رؤى مبشرة يتحقق بعضها، وذات ليلة رأى من يقول له: إن عيد الأضحى مقبل عليك، فاستخدم طب رسول الله تُشفَ بإذن الله، فتواصل مع المشرقين من المعبرين فعرف أن المقصود التداوي بالصدقة وذبح الأضاحي، ففوض زوجته في الذبح والتوزيع، وفعلت الزوجة، لكنه انتظر البشارة في تحسّن صحته ولو برؤيا فلم يجد، فأخذ يراجع نفسه حتى مرت عليه سنة كاملة فغمرته دموعه ذات ليلة حتى نام فإذا بالهاتف نفسه يعيد عليه النداء نفسه: إن عيد الأضحى مقبل عليك فاستخدم طب رسول الله، تُشفَ بإذن الله.. ثم عقب الهاتف بقوله: فإن زوجتك لم تخرج شيئا لله، فقام هائماً على وجهه ينادي زوجته وقص عليها ما رأى واستحلفها بالله أن تريحه، فقالت: والله لقد صدقت رؤياك، ولكني لم أنتبه إلاّ الآن وسبحان عالم الخفيات، لقد كنت أعطي جارة غنية لتعلم أن العز لايزال عندنا، وليشاع بين الحي ذلك، وأعطي صديقةً رداً على هدية منها سابقة، وأعطي بعض النسوة الضعيفات، لأستعين بهن في قضاء حاجاتي، وكم كنت أعلم بفقيرةٍ محتاجةٍ ولم أعطها، لأن أحدا لن يعلم ولأني لن أستفيد من ورائها شيئا، كنت أعطي للظهور وليقول الناس إني أعطي، وكنت حقيقة بعد كل عطاء أشعر بأنني لست صادقة، ولكني الآن أقر بذنبي لعل الله أن يغفر لي ويعجل بشفائك، وسأخرج من مالي ولو بعت ما بقي من حليّ الذهبية، فقبِل الرجل عذرها وأعاد تقديم الصدقات بإشرافه ومعاونتها، وصدقا مع الله فصدق الله معهما قول رسوله صلى الله عليه وسلم: «دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصدَقَةِ، وَحَصنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزكَاةِ، وَأَعِدوا لِلْبَلاَءِ الدعَاء»، رواه البيهقي.

فإلى الذين يعملون فقط من أجل الإعلان والدعاية، والمدح من ولاة الأمور ومن الناس: ليتكم تغيرون النية ليكون العمل لوجه الله، رآكم الناس أو لم يروكم، علموا بكم أو لم يعلموا، فإنكم لو صدقتم مع الله وضع في قلوب الناس هيبتكم ومحبتكم وسيكون تقديركم من الله ورسوله والمؤمنين، وما عليكم من غيرهم {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشهَادَةِ فَيُنَبئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون} (التوبة: 105)، وحسبكم هذا شرفا في الدنيا والآخرة، أما لو عملتم للرياء حبط عملكم، وعلم الناس حقيقتكم، وبالإضافة إلى قوله سبحانه: {وَسَتُرَدونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشهَادَةِ فَيُنَبئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}، يحذركم ربكم، وهو الرحيم بكم، بقوله: {قُلْ هَلْ نُنَبئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الذِينَ ضَل سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعا} (الكهف: ،103 104)، أولئك يقال لهم خذوا أجركم ممن عملتم ابتغاء وجههم.

المستشار التربوي لبرنامج «وطني»

mustafa@watani.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر