أبواب

المهنة كاتب سيناريو

قيس الزبيدي

خصص مهرجان أبوظبي السينمائي الخامس «2011» برنامجاً سينمائياً خاصاً بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد الكاتب الكبير نجيب محفوظ، وأصدر كتاب «نجيب محفوظ سينمائياً»، تضمن دراسات أسهم في كتابتها نقاد من بينهم سمير فريد وإبراهيم العريس، وكاتبة السيناريو المكسيكية باث اليثيا غارثيا دييغو التي حولت روايته «بداية ونهاية» إلى فيلم، أخرجه زوجها ارتورو ريتسين، ونال عنه جائزة أفضل فيلم في مهرجان «سان سباستيان»، كما نال الجائزة الذهبية وجائزة النقاد الدولية في مهرجان المكسيك عام ،1994 إضافة إلى جائزة أفضل ممثل وأفضل مونتاج وأفضل ديكور، ونال أيضاً الجائزة الكبرى في مهرجان هافانا السينمائي.

أسهم نجيب محفوظ، حسب القائمة التي وضعها سمير فريد، في كتابة سيناريوهات وقصص لأفلام عددها 29 فيلماً، أخرج منها صلاح ابوسيف وحده 12 فيلماً. وكان محفوظ أول كاتب مصري يحترف كتابة السيناريو وينضم إلى نقابة المهن السينمائية ككاتب سيناريو، ورغم مزاولته لهذه المهنة في السنوات 1947 إلى ،1978 إلا انه لم يشترك في كتابة أي فيلم مقتبس عن أي من أعماله الأدبية.

كان محفوظ عاشقاً للسينما قبل أن يبدأ مشواره السينمائي، ويذكر أن من جره للاهتمام بالسينما هو دعوة طه حسين في مجلة «الكاتب المصري» كبار الأدباء إلى الكتابة للسينما، لكي لا تقتصر هذه الكتابة على كتاب لا يرتفعون إلى مستواها، خصوصاً أن للسينما جمهوراً يفوق عدده جمهور قراء الأدب. بدأ محفوظ علاقته بالسينما مع المخرج صلاح ابوسيف الذي كان أول من كلفه بكتابة سيناريو فيلم «مغامرات عنتر وعبلة»، وعلّمه كيف يكتبه على مدار جلسات متواصلة ووضع بين يديه بعض الكتب عن فن السيناريو ليتعلم منها أيضاً، واستطاع نجيب محفوظ عندئذ أن ينجز مهمته بنجاح وكان دافعه من وراء عمله في السينما هو تقاضيه مبالغ محترمة، لأنه لم يكن يكسب من كتابته الأدبية أي مليم، وأصبح من وقتها يعيش بفضل كتابة السيناريوٍ أو بفضل وظيفة في الرقابة في قطاع السينما، ومن ثم بفضل شراء حقوق رواياته التي كانت تُحول للسينما.

كما يرتبط اسم محفوظ بالواقعية في الأدب كذلك ارتبط اسم ابوسيف بالواقعية في السينما التي مهد لها فيلم كمال سليم «العزيمة»، ويمكن القول: ليس هناك في تاريخ الأدب العالمي أديب انخرط في العمل السينمائي كما فعل صاحب «أولاد حارتنا» سوى الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز.

يبقى أن نذكر قاعدة مفادها أن على من يكتب للسينما العثور على طريقة يحكي بواسطتها الرواية سينمائياً، صحيح أن الرواية والسينما تتشابهان في الظاهر، لكن لكل منهما قواعده المتعارضة وشبه المتعارضة. وعليه فإن استعادة عوالم نجيب محفوظ فعل قراءة يتم بالعودة إلى رواياته، لا إلى الأفلام التي كتب لها السيناريو ولا الأفلام التي اقتبست من رواياته.

تقول الكاتبة المكسيكية غارثيا دييغو: سحرتني رواية «بداية ونهاية» لأن نجيب محفوظ حكواتي متمرس. ويبدو أن ما سحرها في روايته كونها تحكي عن عائلة يدفعها المجتمع لأن تتوحش، يبدأ أفرادها بأكل بعضهم بعضاً، كما لو أنهم أكلة لحوم البشر.

alzubaidi0@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر