أبواب

فضيحة هذا « التويتر »

سالم حميد

أثارت المغنية أحلام الشارع الإلكتروني محلياً وعربياً منذ بضعة أيام، معترضاً عليها بسبب ردة فعلها الغاضبة تجاه المتسابق التونسي حسن خرباش في برنامج «عرب آيدول»، مبدية انزعاجها، بصفتها عضو لجنة التحكيم، من ابتسامة المتسابق لحظة ما قبل ذكر نتيجة المسابقة، ولممازحته مقدم البرنامج عندما استبق ذكر النتيجة بالقول«من سيغني الليلة؟»، فانفجرت أحلام في وجه المتسابق واصفة إياه بالفاشل لأنه الآن في لحظة الخطر، ويفترض به أن يحس بهذه اللحظة بدلاً من توزيع الابتسامات، ولكن عضو اللجنة الآخر المطرب راغب علامة دافع عنه قائلاً إن المتسابق حسن صاحب وجه بشوش فأين الإزعاج؟!

شخصياً لا أشاهد هذه النوعية من البرامج التجارية الطابع، فهي مجرد تقليد أعمى لبرامج غربية، مع العلم أن الجماهير الحاضرة لحلقات برامج من هذه النوعية، هم جماهير «مدفوعو الأجر»، بمعنى أنهم ينفذون تعليمات وإرشادات تُعطى لهم بتنفيذ الصراخ والهتاف والصفير والتصفيق، وبكاء الفتيات أيضاً إن استلزم الأمر في بعض الحالات، وأخبرني شخص مواظب على حضور برامج من تلك النوعية أنه يتسلم مبلغاً قدره 80 درهماً في الحلقة الواحدة لقاء تصفيقه وهتافه، من دون أن يعرف ماذا يحصل! إذاً لا تستغربوا الجماهير الآسيوية الموجودة لتشجيع بعض الفرق الكروية في مدرجات بعض ملاعب كرة القدم لدينا، لأنهم مدفوعو الأجر، ونتفهم الوضع هنا مع الرياضة التي تستدعي حالها شراء الجماهير، ولكن أن يشتري الفن الجماهير، فعفواً هذا ليس فناً إنما إهانة في حق الفن! أما بخصوص مقطع التوبيخ المبالغ فيه من قبل المغنية أحلام للمتسابق التونسي، فقد وصلني، كحال الأغلبية، بعد أن انتشر كانتشار النار في الهشيم قبل بضعة أيام عبر هذا المخبر العجيب المدعو «تويتر»، الذي استطاع أن يفرض نفسه على الساحة الإلكترونية، أصبح في الصدارة بالمقارنة مع بقية وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً مع سهولة التواصل عبر استخدام هواتف الـ«بلاك بيري» والـ«آي فون»، وبسبب هذا «التويتر» أيضاً أصبحت المنتديات الإلكترونية موضة قديمة.

في المجتمع الغربي، خصوصاً الأميركي، كلمة «فاشل» تعد من أشد الكلمات المهينة للإنسان، ولو أن هذا البرنامج بنسخته الأميركية قام أحد أعضاء لجنة التحكيم ونعت أحد المتسابقين بالفاشل، وتمت إذاعة الحلقة في التلفزيون، لرفع المتسابق قضية وكبّد البرنامج غرامات قد تصل إلى ملايين الدولارات، ولكن في النسخة العربية يختلف الوضع طبعاً! ولربما هي التجربة الأولى للمغنية أحلام في تعاملها مع فئة الشباب، فالشباب من خلال تجاربي معهم في كل أنواع الفنون يتوجب التعامل معهم بحذر وليس بندية، فهؤلاء يفتقدون التجارب والخبرة، وليس من العدل إحباطهم من البداية بكلمات جارحة لمشاعرهم قد تجعلهم ينسحبون كلياً من الحلم الذي رسموه لأنفسهم، كما أن الشباب بطبعهم الغض العنيد يضعون أنفسهم في منزلة أعلى من منزلتهم الحقيقية، ويعتقدون أنهم وصلوا إلى مكانة الكبار من مجرد أغنية أو دور مسرحي أو فيلم أو كتاب أو حتى مقالة! قد أغضب وأوبّخ الشاب على تكراره الخطأ، ولكن أنتقي كلماتي بحرص كي لا أجرحه. أما المتسابق حسن خرباش، فلا أعلم لمَ الغضب من ابتسامته العفوية، بل كان تصرفه يدل على قبوله بالنتيجة بروح راضية مهما كانت.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر