في الحدث

«لا» سودانية للحرب

جعفر محمد أحمد

الإعلان في أديس أبابا عن معاهدة عدم اعتداء بين السودان وشطره الجنوبي السابق، (جنوب السودان)، اتفاق يهدف إلى نزع فتيل التوترات، خصوصاً في النزاع النفطي.

لقد جاء الاتفاق في توقيت حساس ودقيق بعد ان وصلت حدة الخلافات والاتهامات المتبادلة إلى درجة التلويح والاستعداد لحرب جديدة بين البلدين، جاء الاتفاق منقذاً في المقام الأول للجنوب الذي جازف باستقراره وبقائه بصراعه مع الشمال حول تقاسم الموارد النفطية، وذلك بعد ان أقدمت جوبا التي تتهم الخرطوم بسرقة جزء من نفطها، على وقف إنتاجها، على الرغم من أن النفط يؤمن 98٪ من موارد البلاد التي انفصلت واستقلت عن السودان في يوليو الماضي.

لقد كان قرار جوبا الأخير بوقف إنتاج النفط انتحارياً، وتطلب منها البحث عن منفذ جديد لنفط الجنوب، الأمر الذي حدث فعلاً حين وقعت جوبا الشهر الماضي على اتفاق مع نيروبي يهدف إلى بناء أنبوب نفط يسمح بتصدير ذلك النفط إلى ميناء لامو الكيني، في عملية قال الخبراء انها قد تدوم ثلاث سنوات، وتقدر بنحو ثلاثة مليارات دولار (2.25 مليار يورو)، ووصفوا الخطوة بـ«جنون مالي» من قبل حكومة جنوب السودان، مؤكدين أن أفضل سيناريو على الصعيد الاقتصادي، بلا شك، هو أن يكف الجنوب عن مشروعاته غير الواقعية، ويتوصل الى اتفاق مع السودان يسمح بمواصلة بيع نفطه عبر الشمال.

الاتفاقية الأمنية بين السودان وجنوبه، التي توسط فيها الاتحاد الإفريقي، تقضي أيضاً باحترام كل منهما لسيادة الآخر، ووحدة أراضيه، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ورفض استخدام القوة، والمساواة والمصالح المشتركة والتعايش السلمي، إلى جانب إيجاد حل لمنطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها، وترسيم حدودهما المشتركة.

نأمل أن تزيح هذه الاتفاقية شبح الحرب بين شمال السودان وجنوبه، بعد نحو سبعة أعوام من السلام الهش بين الشطرين الموحدين سابقاً والمنفصلين حديثاً، فلا أحد يريد الحرب أو العودة إليها، سواء في الجنوب أو الشمال، فهي ليست في مصلحة الشعب السوداني في الدولتين.

اتفاق أديس أبابا الجديد هو «لا سودانية للحرب»، لأنه أسدل الستار على تصريحات الرئيس السوداني عمر البشير الأخيرة بأن السودان أصبح أقرب إلى الحرب منه إلى السلام مع جنوب السودان، والتي جاءت بعد أن حذر رئيس جنوب السودان سلفاكير من أن النزاع يمكن أن يتجدد ويتحول إلى حرب، إذا لم تفض مفاوضات النفط المريرة مع الخرطوم إلى اتفاق يعالج قضايا رئيسة أخرى، ومن بينها منطقة أبيي.

الاتفاق الأمني بين السودان وحكومة دولة جنوب السودان يعد مدخلاً أساسياً لحل بقية القضايا العالقة بين البلدين، اذا خلصت النيات، ووجدت إرادة سياسية من الطرفين، فهو خطوة في الاتجاه الصحيح، عبر عن حاجة الشريكين السابقين للأمن وضبط الحدود المشتركة، وإلى مراجعة علاقة كل طرف بمعارضي الدولة الأخرى، والأهم من ذلك كله الابتعاد عن بؤرة توتر كان يمكن ان تجر الدولتين الى حرب جديدة لم تكن في الحسبان.

 jaafar438@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر