5 دقائق

يا حظك يا حمار!

ميره القاسم

على الرغم من التصاقي بالمطبخ الصحافي ومعرفتي التامة بنوعية التقارير الصحافية والأخبار المثيرة، إلا أنني دائماً ما أقع في شرك متعتها والتلذذ بالتهام تفاصيلها، مثلي في ذلك مثل القراء الكرام، ومنذ يومين تقريباً ابتسمت بل ضحكت كثيراً عندما قرأت أحد العناوين يقول «دول الخليج تعفي الحمير من الرسوم الجمركية» وأسرعت مندهشة قبل أن أفقد ابتسامتي لأقرأ التفاصيل التي تؤكد أن الثعالب معفاة، إضافة إلى الكلاب والدلافين وغيرها، لتحرم الحمير من التميز في ذلك الإعفاء المجمع عليه من قبل دول الخليج مجتمعة.

أتوقع مبدئياً أن تلك الإعفاءات قد لا تناسب سكان منطقة الخليج، لأني لن أصدق أن مواطناً خليجياً عاقلاً بالغاً سيقدم على استقدام حمار أو ثعلب أو حوت كبير أو سمكة زينة أو غير ذلك من الأنواع المشار إليها، وتحمل تكاليف الشحن والعلف وما إلى ذلك من مكان للعيش ورعاية صحية للحيوان.. إلخ. وذلك لأسباب عدة يأتي في مقدمتها أن الحاجة لتلك الأنواع محصورة في فئة صغيرة، مثل أصحاب حدائق الحيوانات. وهناك سبب قد يكون قوياً، فمن سيقدم على إحضار حمار ليستخدمه في تنقلاته ولو على سبيل التجربة مثلاً سيصبح مثاراً للسخرية، لأن وسائل النقل متوافرة، ولن يفرق الناس بينه وبينه الحمار، وهنا سيتغير المثل الشعبي ويصبح «اللي معاه قرش محيره يجيب حمار ويجربه». نترك الحمير قليلاً ونطرح تساؤلاً مهماً، أليس من الأولى أن يوجه ويقتصر ذلك الإعفاء الجمركي على السلع الضرورية التي تستهلك بشكل يومي، «بالعربي» والتي يتم استخدامها من قبل سكان المنطقة؟ للأمانة أستطيع أن أتقبل وأتجاوز رغبة البعض في استقدام حمار أو ثعلب مكار لمنطقتنا، لأننا نفتقد صفة المكر الجمركي، لكن رغم محاولات التفكير المضنية لم أجد شريحة في مجتمعنا تستطيع أن تستقدم دولفيناً كبيراً لتربيته أو أكله، لأن الصافي والفسكره والكنعد والهامور تمتلئ بها أسواق الخليج. أولا أخفيكم سراً أنني رغم ابتسامتي وسخريتي أشعر بالتعاطف مع الحمار المهضوم حقه، على الرغم من حضوره الطاغي على كل المستويات في الحياة العامة وحتى في الأدب والفن والسياسة. الطريف أيضاً أن هناك أكثر من جمعية للحمير تأسست في الوطن العربي، لعل أشهرها جمعية الحمير المصرية التي أسسها عملاق المسرح زكي طليمات عام ،1930 تكريماً للحمار رمز التضحية والعطاء. والطريف أن العديد من الممثلين والفنانين والكتاب المصريين تناوبوا إدارتها، مثل النجمة الراحلة نادية لطفي، وكان من أشهر أعضائها الكاتب الساخر أحمد رجب، والراحل أنيس منصور. وفي الجمعية تتدرج رتبة العضو من الجحش إلى الحمار الصغير ثم الحمار الكبير، ويحدد اللجام والحدوة والبردعة رتبة كل عضو ومكانته!

ويكفي الحمار فخراً أن الملايين تغنوا بحبه، مثل شادية وشعبان عبدالرحيم الذي غنى «بحبك يا حمار بجد مش هزار». وسعد الصغير «بحبك يا حمار ولعلمك يا حمار أنا بزعل أوي لما حد يقولك يا حمار»!

والحمار له سطوة ومكانة في عالم الأدب، ويكفي أن نشير إلى «حمار الحكيم» نسبة إلى الأديب الكبير توفيق الحكيم.

 wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر