5 دقائق

العنزة الضالة

ميره القاسم

تذكرت فجأة خبراً كنت قرأته منذ زمن عن تعرض حاج للضرب على يدي مسؤولي أمن الحرم المكي، والسبب أنه كان يسير داخل الحرم المكي الشريف

- ويا للطامة الكبرى - ممسكاً بيد زوجته! حينها كنت أشاهد المسرحية الكوميدية الشهيرة «سك على بناتك»، وتحديداً مشهد الراحلة «سناء يونس» عندما ذهبت إلى أبيها «فؤاد المهندس» تشكو ارتكاب زوجها خطيئة كبرى، وعندما سألها ما هي؟ أجابته بأنه أمسك يدها ليساعدها وهي تقطع الشارع، لذلك طلبت منه الطلاق! قلت لنفسي يبدو أن الواقع أكثر عبثاً وهزلاً من المسرحية، وتساءلت: بعيداً عنأ خبر الحاج الذي كان يمسك يد زوجته خوفاً عليها وحرصاً.. هل يعتبر الرجل الشرقي التعبير عن حبه ضعفاً ومذلة، والحنان إحدى الخطايا السبع؟! لماذا يتردد الكثيرون منا في التعبير علناً عن محبته لشريكه في الحياة، ذكراً كان أم أنثى، ويرى أنه عيب ما بعده عيب؟ أتذكر كم كنت سعيدة عندما رأيت لقطتين لزوجين أوروبيين متقدمين في العمر، وفي إحداهما يمسك الرجل بيد زوجته، وفي الثانية يضع يده على كتفها تعبيراً عن حبه وحمايته لها، وقتها تذكرت المقولة الشهيرة: «المرأة لم تخلق من رأس الرجل حتى لا تقوده، ولم تخلق من قدمه حتى لا يطأها، لكنها خُلقت من بين ضلوعه بالقرب من قلبه لكي تكون مساوية له - والمساوية هني غير عن المساواة إللي مضايقة بعض الرجال - لكي يحبها ويشعرها بالدفء والحماية». يحضرني هذا وأنا أرى في بلادنا الخليجية والمجتمعات القبليّة العربية، الصورة النمطية للزوجين في الشارع، فلا تجد أبداً الزوج يمسك بيد زوجته، لأنه يعتبر ذلك انتقاصاً من صرامته وهيبته، وحتى لا يشاع عنه خضوعه لسيطرة شريكة الحياة، بل يتعدى الأمر ذلك المشهد فنجده لا يمشي بجوارها، لكنه يتقدمها في السير وتترجل هي خلفه كأنها «عنزة ضالة» وجدت من تتبعه، وإن حدث وكان أكثر رقياً ومحبة وأمسك بيدها، يجابه بنظرة المجتمع المتشككة دائماً في أن هذه المرأة ليست الزوجة بالتأكيد، بل لابد أن تكون «ربيعته»!

تلك النظرة المملوءة بالظنون السوداء المنتشرة بين معظم أفراد مجتمعنا العربي تؤكد أن ثقافتهم في الحياة غرائزية معدومة الجوانب الإنسانية الراقية عندما يشاهدون رجلاً وامرأة، زوجة كانت أم ابنة .. والدة.. أختاً»، ولا أعلم إلى متى ستظل تلك النظرة إلى المرأة على أنها تمثل الرغبة والتبعية للرجل!

تُرى لو حلل أحد الخبراء صور أي زوج وزوجة يسيران معاً في أحد شوارعنا العربية، فمن المؤكد أنه سيخرج بنتيجة مفادها أن 99٪ من النساء إما طالق بالثلاثة، وإما أنها تمشي مع عدوها، أو على أحسن تقدير حارسها أو سجّانها، لا زوجها الذي من المفترض أن يحميها ويشعرها بالأمان ويعطيها مكانتها وقدرها بين الناس!

علينا نحن النساء أن نؤمن بأن رجالنا لم ولن يكونوا رومانسيين كبقية رجال العالم، ولا أقصد هنا المتحضرين فقط، وأننا سنظل في نظرهم تابعات ونعامل كقطيع الماعز، نمشي وراءهم «ومعنا العيال بعد»!

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر