أبواب

خففوا من « الدق » قليلاً

سالم حميد

يوسف النقي، هو أول مطرب إماراتي غنى الأغنية الإماراتية في عشرينات القرن الماضي قبل نحو 90 عاماً، وهو من أهالي رأس الخيمة، وفي تلك الفترة أيضاً برز مطرب آخر من دبي اسمه محمد عبدالرحيم، وللأسف المعلومات شحيحة جداً عنهما، ولا توجد أي تسجيلات لهما، رغم أن محمد عبدالرحيم قام بتسجيل أسطوانة واحدة فقط في فترة الأربعينات، سجلها على الأغلب في الهند، ولكنها اختفت، ولا يوجد لها أي أثر. وفي الأربعينات أيضاً برز الفنان الإماراتي الكبير حارب حسن الذي لم يتأثر بالأغاني الخليجية التي فرضت نفسها على الساحة، بل إنه أبرز اللحن الإماراتي الجميل الحزين المتحشرج من أصوات معاناة أهالي البادية والساحل في «شلاتهم» الفنية الشعبية، وعززها حارب بأدوات السجع الشعرية على آلة العود، فكان أول فنان إماراتي يعطي الأغنية المحلية هويتها الأصلية، ومن منا لم يسمع الرائعة الغنائية الإماراتية «يا حبيب القلب عذبت الحشا وانقضت لأيام عنا والدهور»، سواء كانت على صوت حارب حسن أو غيره من بعده ممن أعاد إحيائها من جديد للشاعر الرائع ماجد بن علي النعيمي.

نجاح وبروز حارب حسن كسر التحفظ الاجتماعي، وشجع على ظهور مواهب غنائية جديدة في الساحة المحلية، ومنهم أول مطربة إماراتية اسمها موزة سعيد، وهي من أهالي رأس الخيمة، ولكن المجتمع المحلي لم يتقبل غناء المرأة، فهاجرت إلى البحرين واستقرت هناك، واستمرت في عطائها الغنائي، وإن كان تحت اسم مستعار وهو رجاء عبده. كما ظهر في الساحة فنان آخر، من أهالي رأس الخيمة أيضاً، وهو الفنان جاسم عبيد، وله العديد من التسجيلات التي سجلها خلال فترة الستينات في إذاعة «صوت الساحل». وفي الخمسينات برز الفنان محمد سهيل، وهو من أهالي عجمان، وكان قد مارس بدايةً نشاطه الغنائي في السعودية خلال الخمسينات، وهو من قام بتسجيل الأغنية العربية الشهيرة «تعلق قلبي»، للفنان السعودي طارق عبدالحكيم، وذلك في لبنان في الخمسينات، ثم أعادت الفنانة اللبنانية هيام يونس إحياءها لاحقاً. وفي الستينات عاد محمد سهيل إلى الإمارات وافتتح محلاً له في دبي تحت اسم «سهيل فون»، وعاد إلى اللون الغنائي الإماراتي البحت، وكذلك ظهر في الساحة المحلية فنانون آخرون، هم: سعيد بن شرارة، سعيد سالم، أحمد الحارثي. وفي الستينات أيضاً برز الفنان الكبير علي بن روغة الذي حقق نجاحاً كبيراً لم يستطع أي فنان محلي آخر أن يحققه، وكان بن روغة قد تأثر بمدرسة حارب حسن، لكنه اختلق لنفسه أسلوبا آخر، بدوياً بحتاً، ونال شهرة منقطعة النظير، وكان يسجل الاسطوانات الواحدة تلو الأخرى، وأدخل الآلات الجديدة في الأغنية الإماراتية كالكمان والأكورديون والقانون والناي، وشهد عام 1965 ظهور أول فرقة موسيقية في دبي تستخدم الآلات الحديثة، وتلاها بعد سنوات قليلة ظهور العديد من الفرق الموسيقية. وفي بداية الثمانينات برز الفنان ميحد حمد، ليستكمل أسلوب حارب حسن وعلي بن روغة.

منذ نحو 15 عاماً والأغنية الإماراتية معظمها بإيقاعات المعلاية، ولا أنكر هنا أن إيقاعات المعلاية جميلة، ولكن أن تبقى الأغنية المحلية على هذا النسق الأوحد؛ عفواً هذا كثير!

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر