أبواب

«مبنى خليفة»

سالم حميد

عندما كنتُ طالب دراسات عليا، درست في جامعة «ويلز لمبيتر»، التي تأسست قبل قرون لتدريس العلوم اللاهوتية، ثم تنوعت اختصاصاتها الدينية لتشمل بقية الديانات السماوية وأخرى، وكذلك بقية الدراسات الإنسانية والفلسفية والأدبية والفنية والإدارية، وشتى أنواع العلوم بشكل عام اليوم، وتقع الجامعة في الريف الويلزي في المملكة المتحدة، وفي يومي الدراسي الأول دخلت قاعة استقبالها، التي تعود لعام ،1822 ثم سألت عن أستاذي الذي سيشرف على دراستي، البروفيسور مارتن اوكين، فقالوا لي إنه موجود في مبنى الشيخ خليفة، فسألتهم مستغرباً: «مبنى الشيخ خليفة! أي خليفة؟»، مع العلم أنه حينها لم يكن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، قد تولى رئاسة الدولة بعد، فأجابوني: «هو أحد الأمراء العرب في دول الخليج».

لم أكن على علم أن المبنى الذي سأدرس فيه من تبرع ببنائه هو سيدي رئيس الدولة، ووحدها المصادفة فقط أوصلتني لذلك المبنى، فعندما تقدمت بطلب الالتحاق بتلك الجامعة كان بحكم التخصص فقط، ولم أكن على علم بأن الشيخ خليفة هو من دعم كلية الدراسات العربية والإسلامية، وقام بافتتاحها بالنيابة عنه عام 1998 الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، والشيخ حامد خريج الجامعة نفسها، وعندما وصلت إلى المبنى الجميل رأيت لوحة مثبتة على مدخل المبنى بثلاث لغات، الويلزية والعربية والإنجليزية: «أهلاً وسهلاً بكم في مبنى الشيخ خليفة».

خليفة هو ابن زايد بن سلطان، ابن الراحل الذي لم يخطب بالشعارات القومية العربية الفارغة من الفكر والمليئة بالسذاجة، خطابات إنجر خلفها من آمن بالقومية العربية ومن غُرر بهم على الرغم من عدم احترامها للعقل البشري، وأوقعت العالم العربي في المزيد من البؤس والانهزام والضياع الفكري، وبينما كان بعض القادة العرب مستمرين في الاستخفاف بعقول مواطنيهم بالخطابات الزائفة، كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان يدعم الدراسات العربية والإسلامية في جامعات دولية عريقة عدة، إذاً ليس من المستغرب أن يسير ابنه خليفة على خطى والده في تحسين صورة الإسلام الذي شوهه المتطرفون والذين اتخذوا من الإسلام وسيلة للوصول إلى السلطة. أ

في عام 2008 طرحت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف مسابقة بحثية في الوقف الإسلامي، فتحديت من عادوني وعاديتهم بالمشاركة، وقلت لهم بكل ثقة إنني سأفوز بأحد المراكز الأولى، فضحكوا، فكان ردي عليهم تحقيق المركز الثاني، وكان ذلك قبل أن أتوقف كلياً قبل عامين عن الدخول في المهاترات الإلكترونية مع البعض.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر