من المجالس
اللغة الثانية
أصبحت اللغة العربية في الإمارات لغة ثانية بعد اللغة الإنجليزية، أدري أنني لم أقل جديداً، لكنني أدري وتدرون معي أن اللغة العربية، بحكم الدستور، هي اللغة الأم والأولى واللغة الرسمية للدولة، لكن بحكم الواقع أصبحت العربية أولى على الورق فقط وربما ثالثة أو رابعة في الواقع. هذا الواقع فرضه تطاول من غير الناطقين بالعربية، شركات كانوا أو أفراداً، مقابل تراخٍ وتقاعس من قبل المناط بهم حماية هذه اللغة وإبقاؤها حية ورسمية وأولى، مسؤولين كانوا أو جهات.
هذه الحال أوصلت اللغة العربية إلى أن تكون الثانية « رسمياً » في أجندات بعض المدارس والجامعات والشركات بل والجهات الحكومية، فبدلاً من أن تفرض المؤسسات الحكومية لغة خطابها الرسمية على أفرادها والجهات المتعاملة معها، انجرت هذه المؤسسات خلف تلك الجهات، وقدمت تنازلاً عن حق لا تملكه دستورياً، وحولت خطابها الرسمي إلى لغة أجنبية، من دون أن تجد من يتصدى لانحرافها، ويجبرها على العودة إلى جادة الصواب بعدم إهانة اللغة الأم للدولة بحكم الدستور وكل القرارات الحكومية، من أعلى مستوى بالدولة. وقد برز هذا الانحراف بتهميش اللغة العربية بعد أن تقلد مسؤولون أجانب مناصب مهمة وقيادية، في العديد من المؤسسات والشركات الحكومية، عملوا على فرض اللغة الإنجليزية لغة تخاطب ومراسلة داخل هذه الجهات ومع الجهات الأخرى، سواء كانت حكومية أو خاصة. ووصل هذا الهراء إلى درجة أن ينهر موظف أجنبي اثنين من زملائه المواطنين، في إحدى شركات الطيران الوطنية، طالباً منهما التحدث باللغة الإنجليزية!
هذا الواقع المختل ليس بحاجة إلى قرارات جديدة، لتفعيل الدستور وإعادة الاعتبار إلى اللغة العربية، لتسترد مكانتها الأولى، وإنما إلى تدخل حازم لفرض احترام القرارات الصادرة لتتوقف مهزلة « أنجلزة » الدوائر والمؤسسات الحكومية.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .