يا جماعة الخير

أتريد الحقيقة؟

مصطفى عبدالعال

في أي حوار بين طرفين لابد من قواعد من دونها لا التقاء ولا تفاهم، سواء كانا زوجين، أو والدين مع ولدهما، أو متحاورين في قضية علمية، والذي يريد الانتصار لرأيه لا تعنيه الحقيقة، لأنها قد تخالف رغبته، ومن يستند إلى سلطته في ضرب ولده أو زوجته أو منع الإنفاق من دون سماع للطرف الآخر هو أيضاً لا يبحث عن الحقيقة التي ربما كانت مع الزوجة أو الولد مهما كان صغيراً، وستنعكس تربيته عليه سلباً حين يكبر الولد ويضعف هو، كذلك من يصنف الآخر في محاورة دينية بسلفي أو إخواني أو صوفي أو حتى على غير الملة من دون أن يسمعه نفسه بنفسه، فالحكم جاهز عنده وقد أصدره قبل المناقشة، لذا ليس غريباً أن ترى رجل أعمال متزمتاً في الدين يرفض الصلاة خلف إمام مصنفٍ في نظره، رغم قوله صلى الله عليه وسلم: «صَلوا خَلْفَ كُل بَر وَفَاجِر». بينما ترى الرجل نفسه بحكم تجارته أو استيراده يجالس رجالاً على غير الدين مع نساء أشباه عاريات ويبسط لهم الوجه ويلين الكلام، ويجاريهم في عادات وجلسات فيها ما لا خلاف على حرمته في دينه، بل وفي دين هؤلاء الجلساء! أليس الأولى بهذه المعاملة والبشاشة مَن خالفه في الرأي من بني جلدته؟

فما الذي يخيفك ويدفعك لمصادرة الرأي الآخر والاستخفاف به وتسفيهه؟ وهل الحق منك وإليك أم من الحق سبحانه وإليه؟

إليك القواعد لتسلم وتغنم الود وتكون صادقاً منصفاً محبوباً وهي:

1 - صدق النية في الأخذ بيد غيرك إلى الخير أو في أخذه هو بيدك بصدق التوجه القلبي أن يوفقكما الله لما فيه الخير، وعلامة ذلك أن يفرح المحاور إذا ظهر الصواب على لسان مخالفه، قال الشافعي: «ما ناظرت أحداً إلا وددت لو أن الله أظهر الحق على لسانه».

2 - احترام الطرف الآخر وتقديره بالمعاملة والألفاظ الواضحة.

3 - مراعاة الظرف النفسي لك وله فلا نقاش مع إرهاق أو ضيق نفسي، أو في حضور من يجب ألا يكون حاضراً كعتاب الأزواج بين الأولاد أو وجود أنصار لك أو مخالفين له تحرجه أمامهم.

4 - حسن الخلق بالبعد عن التسفيه، فمن يرَ من محاوره أدباً واحتراماً يفتح قلبه للاستماع إليه، {وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضواْ مِنْ حَوْلِكَ}. (آل عمران: 159).

5 - الحلم والصبر والنفس الطويل وعدم الاستفزاز، {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السيئَةُ ادْفَعْ بِالتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنهُ وَلِي حَمِيمٌ}، (فصلت: 34).

6 - الأخذ بيد الآخر إن كان مُغررا به فالحوار ليس للكيد والانتقام وما ذلك بخلق الصالحين.

7 - إن تكلم غيرك تَسمَعه كما تحب أن يسمعك ولا تقاطعه، فإن أطال محدثك استأذنه في تجزئة وقت الكلام بينك وبينه.

8 - المحافظة على الود فالخلاف بين المؤدبين لا يفسد للود قضية.

فإن عجز أحدنا عن التنفيذ فلنحذر دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لما قال لرجل يأكل بشماله: كل بيمينك فإن الشيطان يأكل بشماله، فأبى الرجل وقال: لا أستطيع، فقال له: لا استطعت، إنما منعك الكبر، فشُلتْ يده.

المستشار التربوي لبرنامج «وطني»

mustafa@watani.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر