يوميات من المهرجان

محمد حسن أحمد

اترك يدي قربك كي لا تصاب بالوحشة وتجد شيئاً ينبض لقلبك كالمساء الذي يعيش كشجرة التفاح معنا، إنها الشمس التي تدخل مراتب الشوق صباحاً كامرأة مهزومة بينما أنا أفتح عيني لأراك وحدك تدخن سيجارة اللف وتطالع في القوارب الصغيرة عبر القنوات المائية بمدينة جميرا، هنا في مكان إقامتنا بفندق ميناء السلام، بينما هناك في غرفتي الجديدة في بيت العائلة برأس الخيمة أدس صغار الأسرار والألعاب القديمة، وقرب باب البيت عبر الشارع الفرعي الصغير بقايا خطواتنا الأولى حين كنت أفكر معك في كل شيء سوى المال والبنين، وهناك لعبنا بالرمل وكان صوت الديك يجبرك على دخول السرير لتغفر لك الأحلام بعدها، لماذا تظن بأنّي مللت منك ولأني دائما أبحث عبر الأصدقاء والنساء عن حكاية لا تعرفها أو ربما أخبئها لليوم الأسود، لماذا دائما تقرأ الوجوه والصحيفة كي لا ترى وتسمع الأخبار وتنتظرها منّي؟ ولماذا اليوم وأنا أضع من عطرك الفرنسي تركت لي نظرة غائرة وكأنك ترفض أن تشبهك رائحتي؟ لصوت الباب هذا الغياب بداخلي ونحن معاً دائماً لكنني لا أعرف كم نشتاق لبعضنا ونحن مشغولون بلفظ الضوء وملاحقة الظل هذه الأيام بمهرجان دبي السينمائي في سنته الثامنة، ألا تظن أننا كبرنا معاً ومع كل تلك السنوات وبينما الشعر الأبيض في لحيتي وشعري الذي تحبينه يزداد كل يوم وشعرك أنت بلونه الأسود لا يتغير، تذكرة فيلم الرجل الأخير كانت معك وأضعتها وباقي على وقت عرض الفيلم دقائق، هذا ما قلته قبل أن نغادر معاً، أنت تجلس في مقدمة «الباص» الخاص للمهرجان وأنا في المؤخرة أطالع في الشارع دون أن أجدك في كل الوجوه التي تعبر بسلام، في « مول الامارات » لم تقرر معي أي فيلم نختار لنشاهد بدلاً من الفيلم الذي أضعنا تذكرته، أنا من اختار عرض الأفلام العربية القصيرة بالمسابقة وأنت لم ترفض الدخول معي للقاعة، شاهدت بانتباه كل الأفلام دون ان تترك لي نظرة واحدة سوى تلك التي تخبرني فيها عن الساعة كي لا نتأخر على عرض الفيلم المصري « واحد صحيح » في افتتاح الليالي العربية بقاعة الأرينا عند الساعة الثامنة، قبلها كانت الكاميرات على السجادة الحمراء تنتظر الكل، مشينا معاً دون ابتسامة ودخلنا القاعة الكبيرة وشاهدنا الحب بكل تناقضاته عبر الذات والممكن والصراع والخصوصية والغياب، شيء ما كان يشبه تصرفاتك الأخيرة لكن لا شيء كان يشبه رغبتنا في أن نمارس الضحك عند وجبة العشاء في سوق جميرا على كل شيء حدث معنا هذا اليوم، اترك رسالتي لك قرب الباب، وحين ستقرؤها متأخراً هذا الصباح قبل تنظيف الغرفة تأكد من أنّي لا أحب سواك وأصابعي ستستمر بالعزف بعد أن حولت قلبي إلى بيانو.

اللقطة 1

أحب جداً مدينة جميرا التابعة لمجموعة جميرا التي تضم فنادق وسوقاً تعبر معها عبر لون الطين والموسيقى والقنوات المائية التي تمتزج عبر الصورة مع الأشجار وفندق برج العرب والمطاعم الفخمة والغروب الرائع، وأظن ككاتب في مجال الأدب والسينما إذا منحت الفرصة بأن أعيش هنا سأكتب الكثير من الأعمال، وسنوياً كما تقول دعاية المجموعة بأن مدينة جميرا هي بيت المهرجان منذ ثماني سنوات، وأنا أراها أجمل البيوت للقلب.

اللقطة 2

هذه ليست رسالة غرامية، هي فقط رسالة إلى حبيبتي السينما هنا في مدينة جميرا بمهرجان دبي السينمائي.

كاتب وسينمائي إماراتي .

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

 

تويتر