يوميات

طفلة تحب قطتها أكثر من السجادة الحمراء

محمد حسن أحمد

يستيقظ البعض وهو يفكر في كرة القدم أو في المدير أو في والده المريض، والبعض يردد أغنية قبيحة، أو يفكر في ملابسه الجديدة وفي موعد طبيب الأسنان، أو في مقاول البيت الجديد، وهناك من يفكر الآن كيف يشاهد الأفلام في مهرجان دبي السينمائي، وله هو بالذات الجواب التالي: اذهب إلى مناطق بيع التذاكر في « مول الإمارات » واختر فيلمك واستمتع بالمشاهدة، كما رأيت على السجادة الحمراء استمتاع مئات الأطفال من جميع الأعمار والجنسيات وهم بملابس جميلة وأنيقة وفساتين وفراشات يقفون على السجادة الحمراء للتصوير مع ذويهم، أنا أعتقد أنها لحظات رائعة واحتفالية في عروض سينما الأطفال، والأجمل تلك الطفلة الصغيرة بفستانها الزهري وهي ترفض التصوير وتتحدث عن قطتها التي تركتها في البيت، وأنها تريد القطة معها، لم أفكر في القطة بعد أن عبرت نحوها، بل في رغبتها الصغيرة في أن تشاركها القطّة الصورة والمكان، كما أحاول أن افعل لكم كل يوم، وجبة الغداء « برياني دجاج » من مطعم المكان بالسوق، الشمس في هذا الوقت من الظهيرة تحت الظل منعشة، مئات السيّاح يتوقفون في زاوية مثيرة للتصوير تجمع ما بين لون الطين بمدينة جميرا وبرج العرب، وأظن أن هناك آلاف الصور كل يوم يلتقطها شخص ما هنا ليعود بها إلى أهله صورةً ثابتةً للذاكرة، ومنها تبقى الصورة سيدة الحضور.

بدأ جدول حضور عروض الأفلام مع فيلم ألماني حول امرأة منهكة بكل أطراف حياتها، يبدأ الفيلم إلى أن ينتهي وهي في المعنى ذاته مرغبة ومتبوعة، وتحاول ان تجد لنفسها مكاناً ترتاح فيه، وربما الفيلم يظهر أشكال الإساءة التي نساعد الآخرين فيها على أن تبقى لنا بكل أخلاص، وبين فيلم وآخر أبقى في بهو السينما أراقب الوجوه وأشتري أصابع بسكويت « ويفر » مع « بيبسي » ولا أظن أن الفيلم الذي يبدأ معي ينتهي بداخلي، إلا أنني مع ازدحام الجدول بالأفلام وأهميتها أمنح نفسي فرصة بعمل « رستارت » لمخيلتي كي أدخل الفيلم الثاني باستمتاع أكثر وقتها، كانت الساعة السادسة والربع لنركب الحافلة المتجهة إلى مسرح المدينة، حيث عرض فيلم المخرج الفرنسي ايمانويل كريالسين في فيلمه تيرافيرما، الذي وقف على منصة العرض بشخصية جميلة مرحباً بالحضور بعرض فيلمه الرائع، ففي هذا الفيلم الذي يقع بجزيرة صغيرة لا يمكن ان تراها على الخريطة، هي مكان لصيد السمك والحياة الجميلة والبسيطة، التي تعتمد على السيّاح، لكن ما لبثت ان تحولت إلى مكان للهجرة غير الشرعية عبر البحر، وبدل السمك أصبحت الجثث هي ما تصل اليابسة، ولأن الفيلم جميل جداً كان هذا السبب في أن أنسى هاتفي النقال على الكرسي، وأغادر بهاتف آخر أستخدم فيه « بلاك بيري شات » و« تويتر » و« الإيميلات » فقط ، وبعد مغادرتي القاعة تذكرت وتذكرت البطارية في الوقت نفسه بأنها تحتاج إلى الشحن، توقف كل شيء حولي، إلى ان بحثت عن شخص يعرفني فلم أجد حولي، الغريب أنني كنت أبحث عن مكان أبقى فيه وحدي قبلها، تم بعدها استرجاع هاتفي، وأنا في قاعة السينما لحضور الفيلم الثالث من قائمة اختياراتي مع فيلم كوري أعتقد أنه مخلص للبطء الشديد، وكل ما أحببت في الفيلم هو انهمار المطر طوال الوقت، المطر الذي ننتظره جميعاً.

سيناريست إماراتي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر