يوميات

توم كروز أم العروس

محمد حسن أحمد

هنا في دار المصيف بمدينة جميرا تأتي رائحة البحر مع طين المكان لتكون مرسى للروح، من خلال قارب صغير وصلت حيث أقيم، كانت الساعة الخامسة عصراً ففي هذا الوقت تعلو أصوات العصافير وهي تنتقل لتستقر من نهارها الطويل، يبقى الغروب في كل زوايا دبي له صورته المذهلة التي تصلح لعدسة الكاميرا والعين والقلب، وقفت بقرب المرآة لارتداء الزي الرسمي (الغترة والعقال)، شعور بالهيبة يبقى في صمت معي لحظتها، في بهو الفندق فساتين ووجوه سينمائيين من الوطن العربي والخليج والإمارات في مشهد يتكرر معي كل سنة وللحظة أشعر بأني أعيشه دائماً، بالسيارات الفخمة للمهرجان وصلت إلى السجادة الحمراء، حشد كبير من الإعلاميين والمصورين، لحظتها أجد نفسي ومع أصدقاء في قرار سريع بأن نعبر السجادة الحمراء سريعاً دون توقف، ربما لأنني لست النجم، أو ربما أن ما لدي أعبّر عنه وأقدمه عبر الشاشة الكبيرة، لحظة المشي على السجادة الحمراء يأتيني شعور مكرر في كل مرّة بأن شخصيات فيلمي معي، يمكنني أن أشاهد شخصية (خدّوي) الفتاة العمياء في صورة ناقصة، شخصية عبيد الرجل الأسمر في فيلم «آمين»، وشخصية الولدين في «سبيل»، وميرزا في فيلم «ريح»، وهذه المرّة كانت شخصية منصور وكلثم معي على السجادة الحمراء، وهو يوم افتتاح مهرجان دبي السينمائي وختام عروض فيلمي الطويل «ظل البحر» في صالات السينما بالخليج بعد ثلاثة أسابيع من العروض والحضور الجميل، وصلنا لنهاية السجادة الحمراء عبر المكان فتيات إماراتيات بالعباءة والشيلة، ووجدت في كل وجه ابتسامة جميلة وراقية يستقبلن بها الضيوف، وفي قاعة كبيرة بكراسيها الفخمة الحمراء التي امتلأت بالضيوف، وكعادته ترحيباً للكل اعتاد الضيوف والجمهور ظهور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم معهم، ولأنني كنت في القاعة وأشاهد عبر الشاشة الكبيرة، تمنيت هذا الحديث معه كما كنت أشاهده وهو يحدّث البعض، ومع بداية الحفل كانت نظارات الـ«ثري دي» متوافرة للكل، لأعرف أننا أمام لحظة متمكنة حين تم إطفاء الأنوار، لنواجه لحظة الولادة عبر يرقة صغيرة تفتح أجنحتها أمام العالم وعبر الضوء لتطير بنا فراشة دبي السينمائي من دون أن نلحقها سوى بين الأفلام التي سنشاهدها كل يوم في «مول الإمارات» ومدينة جميرا، وفي الفراشة الكرتونية الصفراء في بطاقة الدعوة، وهذا الرهان الإبداعي قدّمه ابن الدار محمد سعيد حارب، ومنها جاء دور العرض العالمي الأول لفيلم توم كروز الذي وقف كـ«أم العروس» يستقبل الجميع بحميمية وحب طوال الوقت، ومع دقائق الفيلم المملوءة بالإثارة والنمطية المعهودة في أفلام المهمة المستحيلة التي تأخذ الجانب التجاري، أو القالب الهوليوودي في أفلام «الأكشن»، لكن هنا بحرفية أكثر، وبعد الفيلم كنّا بقرب البحر الذي أحب عند برج العرب ليحتفل الجميع بالعشاء والأغاني والألعاب النارية، وفي زخات المطر التي كانت تسقط كالرذاذ، ولم ينته الليل دون الجلوس كما كنت أفعل مع واجبات المدرسة، لأقوم بتحليل جدول الأفلام واختيار الأفضل والأهم، سأكون معكم مع الأفلام والوجوه كل يوم، ويمكننا ان نتشارك المكان يومياً في «مول الامارات»، حيث يمكن للجميع قطع تذكرة ودخول فيلم يعرض للمرة الأولى في العالم من كل دول العالم، لقلب كل من يقرأ لي فراشة.

سيناريست إماراتي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر