5 دقائق

نحو اقتراض نافع

ميره القاسم

أسعدنا نحن الإماراتيين أمر صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ بإنشاء صندوق برأسمال 10 مليارات درهم، يتولى دراسة ومعالجة قروض المواطنين ذوي الدخل المحدود، وتسويات قروضهم الشخصية المستحقة، وذلك بالتنسيق مع المصرف المركزي والمصارف الدائنة في الدولة.

ويعكس ذلك اهتمام سموّه بهموم ومشكلات المواطن الإماراتي، وهذا ليس غريباً على قائد بقامة رئيس الدولة «حفظه الله».

فمن المعروف عالمياً أن الإمارات مصنفة دولياً الأعلى دخلاً للفرد، وأن بنيتها توفر مناخاً ممتازاً للاستثمارات العالمية.. هذا واقع نعيشه منذ فترة، لكننا والحال قد تحول واقعه بشكل ما بعد الأزمة العالمية، فقد اختلط «حابل» مستويات الدخل بـ«نابل» الظروف المعيشية، حيث خرجنا من عباءة الطبيعي إلى مستوى مختلف وهو الاستثنائي الذي صار واقعاً هو الآخر، وهذا لا يمكن تحديده بسهولة، مقارنة بمستويات الصرف اليومي للأسر والأفراد، خارج معادلة الثقافة الادّخارية من ناحية، ومنظومة التوفير من ناحية ثانية، ولم تعد قاعدة «اصرف ع قدّك»، أو «مد ريولك ع قدّ لحافك» واقعية في القرن الحادي والعشرين.

كل الفوائض في موازنات دول الخليج العربية لم تحل دون قيام حالات وصور فقر وعسر، وهي حالات متورطة بنتائج الاستهلاك الجنوني في أحد جوانبه ،لا علاقة له بالترشيد، بقدر ما هو استهلاك فرضه فتح الأسواق وتعدد الخيارات في ما هو مطروح، يضاف إلى ذلك إغفال الضوابط بالنسبة إلى الاقتراض من المصارف في ما يتعلق بتنافسها على استقطاب الزبائن في ما يتعلق بفخ القروض، علاوة على الذهاب إلى ما بعد الحاجة إلى ذلك الاستهلاك الترفيهي في بعض صوره وشواهده.

بعد الأزمة المالية العالمية التي اجتاحت العالم ولم تكن دولنا بمنأى عنها، تضررت فئات من طبقات وسطى وما دونها، وحتى المسيطرة لسنوات على قطاعات بعينها لم تكن بمنأى عن زلزال تلك الأزمة.

ثمة حالات كثيرة.. بعضها يلجمها التعفف وأخرى بح صوتها من المناشدات والالتماسات، وحتى التوسل لجهات أهلية كي تخرجها من كابوسها.

ما أكثر الحالات المهددة ببيع حتى السقف الذي يؤويها، فجاء قرار صاحب السموّ رئيس الدولة ليحمي هذه الحالات وأكثر.

وهنا تقع علينا جميعاً مسؤولية اجتماعية وأخلاقية يجب أن نقوم بها، فمثلاً يمكننا الآن بعد إنشاء هذا الصندوق الذي حتماً سيخرج أبناء وإخوة وآباء لنا من كوابيس تحاصرهم بالجملة بفعل ديون داهمتهم على حين غرة، أن نرشّد من احتياجاتنا وألا نلصق صفة الاحتياج الحقيقي على الترفيهي أو الوهمي..

هي دعوة للبدء من جديد لترسيخ ثقافة الاقتراض النافعة للمواطن وللوطن في آن واحد.. وهي أيضاً دعوة لإعلامنا لكي يقوم بدوره في توعية المجتمع.. لكن تلك حكاية أخرى.. سنتحدث عنها لاحقاً.

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر