5 دقائق

فقه العيد والأضاحي

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

يتجدد العيد بخيره وبِره، وفرحه وأنسه، وكلما أتى احتجنا معرفة ما يخصه من أحكام وآداب، ليكون عيدنا إسلامياً كما شُرع، والأصل فيه ما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر»، فأقر اللعب في العيدين اللذين اختارهما الله تعالى لهذه الأمة: الفطر والأضحى، وبين في حديث آخر السبب بقوله: «لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني أُرسلت بحنيفِيةٍ سمحة»، وفي ذلك ترويح على النفس، وتجديد لنشاط القلب، حتى لا يمل ويصدأ كما يصدأ الحديد.

وقد جعل الإسلام من مظاهر هذا الفرح شكرَ الله تعالى على نعمة السعة في الإسلام بالتهليل والتكبير، وصلاة العيد، وذبح الأضاحي، وصلة الأرحام، وإظهار البشر والبشاشة، والسعة في الطيبات من الرزق من لباس وأكل ورفث مباح.. وهذه الأمور تحتاج أن نعرف شيئاً من أحكامها على النحو التالي:

1- التكبير، وقد ندب الله تعالى إليه بقوله: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَام}، وهو سنّة مجمع عليها، فرادى وجماعات، مطلقاً ومقيداً، وهو شعار العيدين وبهجتهما، ويبتدئ في الأضحى من صبح يوم عرفة، وقيل من ظهره، وقيل من ظهر يوم النحر، ويستمر مطلقاً في جميع الأوقات، ومقيدا بأدبار الصلوات إلى آخر أيام التشريق الثلاثة، وقيل إلى صبح اليوم الرابع.

2- صلاة العيد مع المسلمين بعد الاغتسال ولبس الجديد، والذهاب إليها من طريق، والعود من طريق آخر، وهو سنّة مؤكدة على الأفراد، وفرض كفاية على الجميع.

3- ذبح الأضاحي، فإنها من أجل القرب لله تعالى، فقد قال تعالى: {فَصَل لِرَبكَ وَانْحَرْ}، وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق دم»، - أي دم الأضحية-

4- ويسنّ أن لا يأكل شيئا قبل ذهابه لصلاة العيد حتى يرجع فيأكل شيئا من أضحيته، ولو من كبدها، امتثالاً لقوله سبحانه: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَر}، فدلت الآية على وجوب التصدق ببعضها، ولو أنه تصدق بها كلها وذبح أخرى لأهله جاز، أما أن يترك البيت من غير أضحية ففي ذلك تفويت لسنن كثيرة؛ منها شهود الأضحية، ومنها إحياء سنة إبراهيم الخليل وما فيها من معانٍ إيمانية وتربوية كثيرة، ومنها فوات الأكل منها.

5- يُسن أن لا يقص شيئاً من شعره وظفره حتى يذبح أضحيته بعد الصلاة لا قبلها، لتكون كفارة لجميع جسده، فقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشره شيئا» والأمر للندب.

6- يتعين في الأضحية أن تكون سليمة من كل عيب يُنقص لحمها أو ينفر منه، فلا تجزئ «العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظِلعها، والكسير التي لا تُنقي»، كما ورد، لأن هذه قربة لله تعالى، والله طيب لا يقبل إلا طيباً.

كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر