في الحدث

تحية لـ « اليونسكو »

جعفر محمد أحمد

الانتصار الدبلوماسي الذي حققته فلسطين بحصولها على العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم (اليونسكو) هو باكورة ثمار الجهود الفلسطينية الحثيثة لانتزاع الحقوق المهضومة، وخطوة أولى نحو تحقيق المبادرة الشجاعة في التوجه إلى الأمم المتحدة للاعتراف الكامل بدولة فلسطين، هذا الانتصار الكبير في معناه ومغزاه، وجد ارتياحاً واسعاً لدى الشارع العربي الذي رأى في القرار إنصافاً لشعب عانى الكثير من الويلات والتجاهل. إن موافقة «اليونسكو» غير المسبوقة تعبر بوضوح عن مدى دعم وتأييد معظم دول العالم للحقوق الفلسطينية، بما فيها الحق في إقامة الدولة المستقلة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

على النقيض اعتبرت بعض الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، القرارمحبطاً ومخيباً للآمال، بعد أن باءت كل محاولات الاعتراض لإجهاض الخطوة الفلسطينية بالفشل، بل سارعت بموقف معادٍ آخر تمثل في وقف الدعم الأميركي للمنظمة، عقاباً لها على موقفها التاريخي، في حين هددت إسرائيل باتخاذ عقوبات ضد «السلطة»، من بينها تصعيد الاستيطان، في صورة كشفت عن انحياز فاضح من قبل الأولى باتباعها سياسة الكيل بمكيالين، وعدم رغبة وجدية من قبل الثانية في تحقيق السلام، والاستجابة لإرادة الشعب الفلسطيني وإصراره على تحقيق تطلعاته للعيش في ظلال دولة مستقلة ذات سيادة ومتحررة من نيران الاحتلال وطغيانه.

إن تصويت 107 دول من الدول الأعضاء في «اليونسكو» لمصلحة منح فلسطين العضوية الكاملة، لتصبح بذلك العضو رقم (195) في المنظمة، يرسل إشارة إلى الجانب الإسرائيلي بأنه لا يمكن المضي قدماً في سياسة تجاهل الحقوق المشروعة، ويؤكد أن العالم أصبح مدركاً لكل ما يحدث من اعتداء وظلم ضد الشعب الفلسطيني. إن هذه المرحلة الصعبة والدقيقة من تاريخ المنطقة، وما صاحبها من تطورات متسارعة، آخرها اعتراف «اليونسكو» بعضوية فلسطين، ضاربة بتحذيرات واشنطن عرض الحائط، تؤكد لنا أن أحداث «الربيع العربي» بدأت تؤتي ثمارها، وتمنحنا الأمل في الخطوة المقبلة وهي اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين، لتصبح العضو رقم (194)، بعد جنوب السودان.

التحية لمنظمة «اليونسكو» على قرارها المنصف وغير المسبوق، الذي كلّفها فقدان ربع ميزانيتها السنوية، لكنه أعطى المنظمات الدولية الأخرى درساً في إحقاق الحق، وانتصار العدالة. هذا النصر يقتضي من الشعب الفلسطيني أن يوحّد صفوفه، ويبادر فوراً بتفعيل اتفاقية المصالحة بين الفصائل، خصوصاً «فتح» و«حماس»، تمهيداً لنيل الاعتراف الاممي بالدولة، وتتويج نضاله الطويل من أجل نيل حقه في تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابه الوطني.

jaafar438@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر