أبواب

نعم لـ « بوطينة »

علي العامري

جزيرة بوطينة وصلت إلى المرحلة النهائية في المنافسة على دخول قائمة عجائب الطبيعة السبع الجديدة، ولم يتبق سوى 10 أيام على انتهاء التصويت لاختيار « العجائب السبع » من بين 28 موقعاً في العالم. وتعد الجزيرة واحداً من كنوز الطبيعة في الإمارات، فهي تتميز بسحر خاص، علاوة على كونها محمية وأنموذجاً للتنوع الحيوي والبيئي.

« بوطينة » أصبحت « بيت الحياة » لأنواع نادرة أو مهددة بالانقراض، ففي الجزيرة التي تقع قبالة ساحل أبوظبي ثاني أكبر تجمع لأبقار البحر في العالم، والتي وجدت في الجزيرة مكاناً آمناً. كما أن سلاحف منقار الصقر المهددة بالانقراض، تأوي إلى جزيرة بوطينة كل عام للتعشيش، كذلك طيور العقاب النساري وطيور الغاق السوقطري التي تهاجر إلى مناطق عدة، وتعود إلى الجزيرة سنوياً وبأعداد كبيرة، لتغدو الجزيرة « عش الحياة » لتلك الطيور النادرة.

تلك الجزيرة الساحرة بجمالها وكنوزها الطبيعية تمثل مختبراً في الهواء الطلق لدراسة التنوع الحياتي والطبيعي وظواهر متعددة، من بينها التغير المناخي، تنتظر « الدعم »، من خلال صوت ينتصر للطبيعة، خصوصاً أن حمايتها تمثل مؤشراً إلى مدى الوعي بأهمية البيئة النظيفة في حياة البشر والتنمية ومستقبل الأجيال.

وأعتقد أن « حدس » الطيور وبعض الكائنات الأخرى لا يخيب، إذ إنها اختارت الجزيرة موئلاً لها، فلدى تلك الطيور حساسية عالية تجاه التلوث والضجيج والاضطراب، لذلك تبتعد عن كل مصادر التشويش الحياتي لتنعم بالهدوء والأمان في تلك الجزيرة.

ولطالما أثبتت دراسات علمية أن كثيراً من الأمراض التي تصيب الإنسان اليوم، إنما هي نتاج أو رد فعل لهجرانه الطبيعة، ولجوئه إلى عناصر « تشويش » على الجسم والروح، لذلك هناك ظاهرة « عودة » إلى الطبيعة بدأت تتزايد في بلاد الغرب، بعدما تعب الناس هناك من « الآلة » واللهاث اليومي والوجبات السريعة، ونسيان أن قدمي الإنسان ليستا فقط للضغط على دواسة البنزين أو الفرامل في السيارة، بل انهما رفيقتا الطريق في الشواطئ والحدائق والمتنزهات وفي الصحراء. وكم منا من يشعر بضيق، معبراً عن ذلك بكلمة « ضغط » في العمل وفي البيت وفي ازدحام الشوارع وفي المستشفيات وغيرها، ثم يقول « أريد إجازة أقضيها في البر أو البحر » بعيداً عن ثرثرة السيارات في الشوارع ونقرات أجهزة الكمبيوتر ولهاث المكيفات.

إن هذا التوصيف ينطبق تماماً على الكائنات كلها، ولسان حالها يقول « نريد هواءً نقياً في بيئة طبيعية ونظيفة ».

وما التصويت لجزيرة بوطينة لتدخل سجل عجائب الطبيعة السبع الجديدة، إلا تأكيد على أهمية إعادة الاعتبار للطبيعة في حياتنا، وبالتالي إعادة التوازن إلى أجسادنا وأرواحنا التي يشحنها القلق يومياً، ولطالما كان ميزان الطبيعة لا يخطئ ولا يجامل، مثل تلك الطيور والكائنات التي اختارت جزيرة بوطينة بيت حياة.

إن قولنا « نعم لبوطينة »، يعني « نعم للطبيعة في أبهى تجلياتها ».

alialameri@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر