يا جماعة الخير

مجالس تربوية لكل والدين

مصطفى عبدالعال

جلس الشيخ في مسجد المدرسة مع مجموعة من الشباب المتفوقين الذين رشحتهم المدرسة لجائزة تحت عنوان « رضا الوالدين سعادة الدارين »، فقال الشيخ: من الذي يشرح لنا عنوان الجائزة؟ فرفعوا جميعا أصابعهم دون أن يتكلم أحد، فأعجب الشيخ بأدبهم والتزامهم، وقال: بارك الله فيكم فعلاً تستحقون لقب المتفوقين لأن الأدب هو باب طلب العلم، والتزامكم هذا ورفع الإصبع دون كلام فيه دليل على تعودكم الأدب واحترام مكان العلم. والمسجد والمدرسة والجامعة والبيت كلها محاريب علم، والمؤدب فيها هو الذي يستفيد بالعلم الذي يتعلمه ويصبح محترماً في أعين الكل على مدار مراحل دراسته ووظيفته، بعد ذلك، وحياته عموماً.

إذاً فليقم زميلكم هذا - وأشار إلى أحدهم - وليعرفنا بنفسه، ثم يشرح لنا عنوان الجائزة. فقام جاسم وذكر اسمه ثلاثياً، والصف الذي يدرس فيه، وحيا الشيخ وشكره ثم هم أن يجيب، فإذا بالشيخ وقد أعجبه جداً تعريف جاسم بنفسه يشير إليه مبتسماً: ماشاء الله في أقل من دقيقة وبعبارات صغيرة دخلت قلبي وقلوب الجالسين، ثم نظر إلى الشباب، وقال: أتدرون؟ كم من شاب حين تقول له عرفني بنفسك يذكر اسمه الأول فقط، مثلاً جاسم.. وهذا لا يكفي فكم جاسم موجودون بيننا، ما يضطر السائل أن يسأله مرة أخرى جاسم مَنَ؟ وربما سؤال ثالث عن لقب العائلة، ثم يسأله في أي صف أنت؟ ليتعرف اليه. وأخوكم جاسم أراحني وعرفني بنفسه تعريفاً وافياً بحيث إني ألتقيه أول مرة فعرفني اسمه واسم أبيه واسم عائلته وصفه الدراسي، وكذلك أنتم وإن كنتم زملاءه في المدرسة، ولكن من ليس معه في الصف أكيد يحتاج لمعرفة هذه المعلومات عنه. فأنت يا جاسم ذكي وشخصيتك واضحة ونبرات صوتك وثقتك في نفسك بينت ذلك، فأنت لم تتكلم بصوت خافت كما يفعل بعض الشباب الذين يحرجون من الكلام، والمتميزون أمثالكم لابد أن تكون عندهم الجرأة مع الأدب، وأدعو كل زملائك إلى أن يكونوا مثلك عند وجودهم في أي مجلس، خصوصاً مجالس الكبار، فالإنسان مخبوءٌ تحت لسانه إذا تكلم عُرف. واسمح لي يا جاسم أن أكتفي منك بهذا التعريف لأتعرف بغيرك، وأشار الشيخ لأحدهم فقام وعرف نفسه مستفيداً من تعليق الشيخ على تعريف زميله، ثم قال: رضا الوالدين سعادة الدارين، أي: من اكتسب رضا والديه فقد جمع السعادة في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا يرضى الله عنه برضا والديه فيبارك له في فهمه فيستقيم في سلوكه، ويبارك له في صحته، ويفتح له أبواب الرزق الحلال ويبارك له فيه، ويبارك له في عمره فرَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: « من سَرهُ أَنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ وَأَنْ يُنْسَأَ (يبارك) له في أَثَرِهِ (يترك آثاراً طيبة) فَلْيَصِلْ رَحِمَه»، وصلة الأرحام أساسها بر الوالدين ومن خرج من هذه الأرحام.. أشار الشيخ إليه منبهراً بكلامه ومن ترتيب معلوماته.. والسؤال لكل والدين :هل تلاحظان على أولادكما هذه السلوكيات أو أن الأمر يحتاج إلى وقفة؟

المستشار التربوي لبرنامج «وطني»

mustafa@watani.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر