أبواب

منطق البحث عن التجريب

قيس الزبيدي

حصلت الباحثة بان خلف الجبوري على الماجستير عن دراستها « تأويل النص الشكسبيري » من قسم السينما والتلفزيون في كلية الفنون الجميلة/ جامعة بغداد، وحصلت، بعدئذ، على درجة الدكتوراه من الكلية نفسها على أطروحة « منطق السينما التجريبية »، وسبق لسلسلة الفن السابع في دمشق أن نشرت أولاً دراسة الماجستير ـ الفن السابع (148) ـ ونشرت في هذا العام الأطروحة في السلسلة ذاتها (203). ويزعم مقدمها أستاذ السيناريو وتحليل النص في الكلية، الدكتور طه حسن الهاشمي انه « لم يقرأ مثل أطروحتها في التراكم المعرفي الذي وصلت إليه عبر الدراسات النوعية للسينما العالمية، سواء المترجم منها أو المؤلف ».

الكتاب « محاولة جديدة في فهم التجريب بشكل خاص في الفيلم الروائي، في علاقته الجدلية ما بين اللغة السينمائية والشكل الفيلمي والسرد السينمائي، ويتألف من فصول أربعة: المصطلح والمفهوم، التوليد التجريبي، التجريب في السينما والحقول الفنية المجاورة وتحليل الأفلام. ولكي تحدد المؤلفة مفهوم الفيلم التجريبي وتختار نماذج منه لتحللها، تأخذ على عاتقها أولاً تحديد المصطلح لكنها حينما تكتشف، وهنا تبدأ الإشكالية، أن المصطلح مازال يتماهى مع كثرةٍ من المصطلحات، تبدأ بمناقشتها للتجريب في القفز » بالتواريخ ذهاباً ومجيئا؟ لأن « الإسهاب في تتبع مساره، سيقودنا ـ يقودها ـ إلى متاهات تبعدنا كثيراً عن أهدافنا »!

وكما تقول الجملة الشائعة: في التفاصيل يختفي الشيطان، نقرأ أن فيلم إيزنشتين « المدرعة بويتمكين »، الذي لم يلق قبولاً عند طلاب الدراسات الأولية، لأن الزمن، كما يبدو، قد تجاوزه! بعكس أفلام الموجة الجديدة أو سينما الدوغما! ونقرأ أن كازان حينما أخرج فيلمه« أميركا، أميركا » بالأسود والأبيض، تجاوز استخدام اللون مختاراً، كذلك صور فيسكونتي فيلمه « الموت في البندقية » بالأسود والأبيض. من هنا استقامت رؤية كل مخرج منهما لموضوع فيلمه، نتيجة لتنحية اللون، لكي يجري التركيز على مسائل أكثر أهمية من اللون، والغريب أن اختيار هذين الفيلمين كمثالين على تنحية اللون هو غير موفق، لسبب بسيط، لأن فيسكونتي يوظف الألوان في فيلمه الملون درامياً.

ما السينما التجريبية؟

إن ما يميز التجريب أن يكون مقبولا جماهيريا، وخاضعا لشروط السوق! لأن الأفلام هي منتج اقتصادي مُكلف، أي بتعبير مني « سلعة مربحة »، ولأن التجريب غير الجماهيري يجعلها سلعة غير مربحة، وعلينا، ضمن هذه المعادلة، أن نفهم أن السينما من دون جمهور لا وجود لها، لأنها أحد فنون الاتصال، وهي خاصة ليست موجودة في الفيلم التجريبي/ البحت.

والسؤال المركزي الذي يحدد منهج البحث هو: كيف يستطيع المبدع السينمائي، أن يجرب وينجح في ارتياد آفاق جديدة، لكي يسير على إثره الآخرون، في وقت يخضع فيه لشروط السوق، التي جعلت السينما تسقط في براثن رأس المال؟

على الرغم من أهمية الكتاب الثقافية الفائقة، وعلى الرغم من الجهد المضني في البحث، إلا أن الاستعمال المجهد لرؤوس الآخرين، عبر الرجوع إلى مصادر متنوعة، مناسبة وغير مناسبة، نحو 127 مصدراً، قاد إلى إرباك المنهج « العلمي » الذي سعت المؤلفة منذ البداية إلى اعتماده، لأنها من دونه، كما تؤكد نفسها، لا يجعل العثور على منطق الفيلم التجريبي، سوى مسألة تخضع إلى الكثير من التعسف والمخاطر.

alzubaidi0@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر