5 دقائق

البلاك بيريون والآيفونيون!

ميره القاسم

مع كل فاجعة يبتلي بها مجتمعنا يظهر على السطح هول ما حذرت منه الجهات الرسمية وأهالي والأحبة ، ففي هذه الأيام لا صوت يعلو فوق صوت  ما يجري على شاشات البلاك بيري والآي فون.

 أتساءل بيني وبين نفسي: ترى ما الذي يمكن أن يحد من الاستخدام السيئ لهذه الأجهزة لكي لا تتحول من وسيلة نافعة صممت لقضاء حوائج الناس إلى وسيلة ثرثرة فارغة تفضي إلى الموت؟

ما الذي يجعل المرء يستخدم ما بين يديه من تكنولوجيا متطورة بشكل حضاري؟

في الحقيقة لا أحد يمكنه تحقيق مثل هذه الغاية سوى المستخدم نفسه، إما أن يكون واعياً ومدركاً لمسؤوليته المجتمعية أو يضرب عرض الحائط بالقوانين ويسير وفق ما يهوى فيؤذي نفسه ويؤذي الآخرين.

في الآونة الأخيرة اشتغلت رسائل البلاك بيري والآي فون ولم تهدأ معلقة على قضية حادث الرياضي ذياب عوانه ، وتمديد دوام المدارس 35 دقيقة إضافية.. وما تزايد عن الرسائل ونكاتها وتعليقاتها الساخرة على النظام التعليمي وحيرته وتغيراته الدراماتيكية التي لن تقل آثارها سوءاً عن آثار الحديث في الهاتف أثناء قيادة السيارة. وإذا كانت حادثة وفاة اللاعب (عوانه) قد هزت الجميع ولقيت التعاطف رغم المرارة فإن الواقع التعليمي لم يجد أي تعاطف بل شنَّ عليه (البلاك بيريون) و (الآيفونيون) حملة شعواء لأن ما يجري على صعيد استراتيجياتنا التربوية وقيادتها على طريق الأهداف المتوخاة لا يختلف عن قيادة السيارة مع البلاك بيري.

لقد دهشت لهذا العصف التكنولوجي السيّال من كل حدب وصوب، ولتلك القدرة العجيبة التي يمكن من خلالها التواصل بين البشر... بدا لي أحياناً أن شبكة ضخمة جداً موجودة فوق رؤوسنا، في السماء، ونحن أشبه بأسماك تتغذى على الأخبار وتحلل وتناقش وتجادل وتبحث عن المبررات أو تلعن البلاك بيري واليوم الذي عرف فيه الناس البلاك بيري... مع أن المشكلة – بصراحة – ليست في البلاك بيري أو في الآي فون بل في سوء استخدامه.

الهواتف النقالة وغيرها من وسائل الاتصال وجدت لتحقق مصالح الناس فإن استخدمت لهذه الغاية عادت عليهم بالنفع وإن استخدمت لغير ذلك عادت عليهم بالشرور والثبور وعظائم الأمور.

من هنا، نحن مسؤولون عن كل سلوك نسلكه وتكون له نتائج سلبية علينا أو على الآخرين. مسؤولون عن الحفاظ على أرواحنا وأنفسنا وعدم الإلقاء بها الى التهلكة.

الحياة غالية لا يصح الاستهتار بها ولا بأي نعمة من نعم الله علينا. المنطق والعقل وكل المؤشرات تقول إن القيادة فعل يحتاج الى تركيز وانتباه، وأن الانشغال عنها بأي شيء يمكن أن يؤدي الى حوادث الطرق. 

الموت علينا حق ولا أحد يعترض على حكم الله... أما الراحل فنسأل الله له الرحمة والجنة، وشبابنا، ثروة وطننا، نتمنى أن يتعظوا ويتعلموا و"يتعهدوا" ويقرروا بكامل قواهم العقلية ورغبتهم النفسية أن لا يستخدموا الهاتف أثناء قيادة السيارة حتى لا يقودهم إلى حتفهم.

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر