أبواب

الغيرة أصبحت تقييداً ووصاية

سالم حميد

قرأت التقرير الصحافي الذي أعده الزميل العزيز محمد عبدالمقصود في «الإمارات اليوم»، يوم أمس، بعنوان «رصاصة.. تنتصر لمسرح الشباب»، وأدعوه وأدعو جميع المسرحيين إلى قراءة مقالي السابق بعنوان «رفقاً بالقوارير»، والذي أكدتّ فيه مدى دفاعي عن الشباب وحرصي على نجاحهم وتطور أدائهم واستمرارية عطائهم، وذكرت أيضاً فيه أنني أتوقع هجوماً شرساً من قبل النقاد والفنانين والصحافيين على بعض الأعمال، والتي أعترف أنها دون المستوى المطلوب، وهذا بالفعل ما حصل على سبيل المثال وليس الحصر لمسرحية «محو وديمة»، والتي تعرضت لهجوم داخل الندوة التطبيقية وفي صحافتنا المحلية. كما أنني تعاملت مع جميع الشباب المشاركين في الدورة الحالية من مهرجان دبي لمسرح الشباب كأنهم أبنائي، وبذلت جهوداً كبيرة وساعات طويلة لمشاهدة أعمالهم، ونصحهم وإرشادهم واستبعدت المصطلحات الدخيلة، واستبدلتها بأخرى محلية، ثم لقنتهم النطق السليم لبعض المفردات المحلية، وكذلك المسرحيات الناطقة باللغة العربية الفصحى، عدلت بعض كلماتها لغوياً، وطالبت الفرق بضرورة الاستعانة بمدقق لغوي للخروج بلغة عربية سليمة، لكنني تفاجأت أن فريق مسرحية «في المسدس رصاصة» تجاهل تعديلاتي تماماً، الأمر الذي دفعني إلى الانفعال في الندوة التطبيقية، مع العلم أن هذه المسرحية أكثر مسرحية بذلت فيها مجهوداً بالمقارنة بالأخريات، بسبب أولاً جمال العمل وقوة النص، وثانياً أنها المسرحية الأكثر احتواءً على المفردات الدخيلة، ولم أكن راغباً في أن تؤثر في المسرحية تلك الأمور التي يراها المسرحيون الذين انتقدوني في الندوة التطبيقية بأنها صغيرة!

يقول المثل الشعبي: «الحشرة مع الناس عيد»، والحشرة هنا تعني باللهجة المحلية الضوضاء، وهذا ما حصل عندما طرحت رأيي الشخصي، الذي لا يعبّر بالضرورة عن رأي الجهة التي أعمل فيها والمنظمة للمهرجان، وهي هيئة دبي للثقافة والفنون، لكن وللأسف الناس يربطون رأيي الشخصي بجهة عملي، وهذا خطأ! وما حصل في الندوة التطبيقية أن جميع الحضور كانوا ضدي، حتى من كان لا رأي له، فضّل الانضمام إلى الجماعة، وأنه يجب عدم ربط المسرح باللهجة، وأن ما طرحه كاتب هذه الكلمات تقييد ووصاية على المسرحيين، وأمام حالة التشنج التي أصابت القاعة، فضّلت الخروج بهدوء من القاعة وعدم إكمال مداخلات الندوة التطبيقية.

أعترف بأنني انفعلت عندما طرحت رأيي الشخصي، لأنني شعرت بعدم احترام فريق عمل مسرحية «في المسدس رصاصة» للتصحيحات التي قدمتها لهم، فمن الطبيعي أن انفعل، وكان يُفترض بي ألا انفعل، لكنني لم أتمالك أعصابي، لأنني لو طرحت رأيي بهدوء لما ضجت القاعة من رأي عادي جداً لا يستدعي كل تلك الزوبعة، وأعتذر هنا للجميع عن انفعالي فقط، ولا أعتذر عمّا طرحته من رأي، بل إنني مُصر عليه، وسأثيره مجدداً إذا شاهدت أي عمل فني محلي بلهجة ركيكة، مثل مسلسل «نوح الحمام»، ومن يريد أن يعرف أكثر عن هذا المسلسل، فليقرأ مقالي بعنوان «اش دعوى يا حافظ».

اللهجة، قد يراها أغلبية الممثلين في الإمارات، تحديداً، أمراً ثانوياً وصغيراً طالما جماليات التمثيل والأداء والإخراج والتأليف متكاملة، ولكن لماذا لا تنظر بقية دول الخليج العربي إلى اللهجة على أنها أمر صغير؟ وأخيراً، تحية خاصة أقدمها فقط لفنانتنا القديرة رزيقة الطارش.

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر