5 دقائق

كيف الصحة؟

ميره القاسم

من منا كان يتصور أننا سنلجأ يوماً ما إلى العلاج في الدول الآسيوية، مثل سنغافورة وتايلاند؟ إلا أن الواقع يفرض علينا اللجوء اليها، بعد أن أصبحت تلك الدول تمتلك أهم وأرقى الأنظمة العلاجية على مستوى العالم. عندما يبادرك صديق بسؤال اعتيادي ويقول لك «كيف الصحة؟»لا تتسرع فتجيب بعبارة تقليدية من دون أن تفكر بعمق، هل تغيّرت «الصحة»؟ هل أصبحت على ما يرام؟ أم ساءت أحوالها؟ نعم تغيرت، لكن الذي تغيّر فيها هو الوزير فقط! التفكير في رفع أداء الوزارة وإعادة الثقة بينها وبين المستفيد أمر ليس سهلاً، فيكفي أن تبتعد الإدارة الجديدة عن الوعود وسياسة المسكنات وتسعى لتحويل العمل الطبي الى استثمار حقيقي يخدم الجميع، فنحن دولة تمتلك الإمكانات المادية، وذلك أضعف الإيمان في قضية الصحة، وهو كافٍ لو فكرنا في إنشاء صرح طبي يضم أجهزة متطورة وأطباء على مستوى عالٍ من المهارة سيعود علينا بفوائد كبيرة عندما نصبح وجهة للزائرين الباحثين عن العلاج. والمثير واللافت أننا في الإمارات لدينا أحدث الأجهزة الطبية والكوادر الممتازة، إذاً أين يكمن الخلل؟ وفي الوقت الذي تفكر فيه الكثير من الدول في زيادة مواردها الاقتصادية عن طريق استثمار السياحة العلاجية، نقف عاجزين عن تشخيص المرض/ أي مرض بشكل دقيق! لو كنت وزيرة للصحة فلن أجد حرجا في دعوة رجال الأعمال الحقيقيين، لأطرح عليهم فكرة المشاركة مع الوزارة في إقامة مشروعات طبية كبيرة تضم أمهر الأطباء وأحدث الأجهزة الطبية، شريطة أن نمنح مواطني الإمارات تسهيلات وأولويات في العلاج تغنينا عن إرسال مرضانا إلى الخارج، وما يتبع ذلك من خسائر مادية ونفسية، وهذا هو الاستثمار الحقيقي. لو نظرنا قليلاً إلى المستشفيات الشهيرة على مستوى العالم لوجدنا أن ما ذكرناه هو الذي حقق الشهرة لتلك المستشفيات، فالأمر لا يخرج عن انضمام أطباء مشاهير وأجهزة ذات جودة عالية، ولا يحتاج لتنقيب في باطن الأرض ولا طاقة مائية أو كهربائية غير متوافرة لنتحجج بها، فنحن نمتلك الكثير الذي يحقق ذلك، بما فيه الكادر الطبي المتفوق من أبناء هذا الوطن وهم كثر، ولنا في الجمهورية التشيكية عبرة في تميز مصحاتها واحترافيتها من خلال حملات الترويج للسياحة الطبية. ما ينقصنا لا يتوقف على شخص مؤتمن يدير وزارة الصحة بقدر حاجتنا الى استثمار حقيقي نستحقه في ظل امتلاكنا مقومات النجاح والعمل الإداري المنظم. وأكاد أجزم بأن وزارة الصحة لو وفرت التخطيط المناسب والمقدرة على التنفيذ لتوافدت علينا الوفود من كل حدب وصوب وفتحنا بذلك باباً جديداً من أبواب الاقتصاد الداخلي والخارجي وارتحنا من الأعذار التي تشير الى عدم توافر سرير في ظل زيادة نسبة المرضى على مدى العام. أدعو وزير الصحة القادم إلى نظرة في هذا الاقتراح لعلنا نبلغ من خلال هذه الوزارة درجة الاحترافية في المجال الطبي، ما يوصلنا إلى دخل اقتصادي جديد، ومكاسب أخرى عديدة.. فحقيبة وزارة الصحة ستكون حملاً ثقيلاً على المكلف بإدارتها.

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر