من المجالس

كبار وصغار

عادل محمد الراشد

انتهاء الإجازة الصيفية ليس بشارة خير بالنسبة لأغلب طلاب وطالبات المدارس، فهي تعني العودة لتسليم الأيادي للقيود، وإدخال النفوس إلى سجن المسؤوليات، والانقياد إلى الفراش مبكراً، والاضطرار إلى مجاراة الطيور في مسابقة الغبش. وهو قبل ذلك وبعده كتب ودروس وواجبات ومذاكرة وامتحانات ونتائج غالباً لا تكون مأمونة، وحزمة من المنغصات التي كانت تغشّيها جملة الحريات التي تنفتح أبوابها مع إغلاق أبواب المدارس، من سهر بلا قيود ولعب بلا حدود ومسؤولية بلا وجود. أما بالنسبة إلى أولياء الأمور، الآباء والأمهات، فهي استعادة للأنفاس وخروج من الضغوط والعودة للإمساك بزمام الأمور، نوم مبكر واستيقاظ مبكر، يعني استعادة التحكم في الوقت ليكون الليل لباساً والنهار معاشاً، وانتظام في دورة الحياة، والمزيد من تسجيل الحضور في البيت ومع الأسرة بدلاً من الغياب الطويل في النوم أو الاختلاء بالإنترنت والألعاب الإلكترونية أو التسكع في المراكز التجارية، والعودة إلى الاجتماع على سفرة طعام العائلة، وإن كان من يد الطباخ أو الخادمة، وذلك بعد أن بعثرتها وجبات محال «المرطبات» ومطاعم «الجنك فود».

العودة إلى المدارس تعني عودة الحياة إلى أشياء كثيرة تتعطل خلال الإجازة الصيفية، وباستثناء الشوارع التي تخنقها عوادم السيارات قبل وبعد الدوام، فإن عودة الهدوء إلى البيوت واستعادة إيقاع الحياة الأسرية بأمر من برنامج الروتين المدرسي، تبقى أهم العلامات الفارقة، وإن شوشت عليها مسؤوليات المتابعة مع المدرسة و«ضرورة» الدروس الخصوصية وربما نتائج غير مرضية أحياناً.

هكذا أصبحت مشاعرنا عندما كبرنا وتجاوزنا تلك المرحلة، وتبادلنا الكراسي مع صغارنا، فتصبح رغباتنا في وادٍ ورغباتهم في وادٍ آخر إلى أن يصل بهم الزمن إلى المحطة ذاتها ليجدوا أنفسهم في مواجهة من سيأتي بعدهم!

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر