أقول لكم

محمد يوسف

في مصر شعب يستحق أن يكون مميزاً، ولن أذهب بعيداً حتى أبرّر ذلك، لن أغوص في أعماق التاريخ، فنحن نتحدث عن هذا الزمان، ولهذا سنترك الفراعنة وحضارتهم، ولن نقف عند الدولة الأيوبية أو المملوكية، حيث هزمت الأولى الصليبيين وطردتهم من المنطقة، وأوقفت الثانية زحف المغول وأعادتهم من حيث جاؤوا، «إحنا أولاد النهارده»، هكذا يقول المصري العادي عندما يسامح وينسى الإساءة، ودور مصر وشعبها عربياً يشهد له التاريخ الحاضر، والعقود الستة الأخيرة منه بالتحديد، فالريادة كانت ولاتزال في مصر، ريادة الأمة، لأنها القلب أولاً، ولأنها الثقل ثانياً، ولأنها الواقفة دوماً في المقدمة، في العلم هي الأولى، وفي السياسة هي الرأي والموقف الذي يعدل الموازين، وفي المواجهة مع الأعداء هي السد، وفي اللحظة التي يغيب فيها الدور المصري الرائد تهمش هذه الأمة، وتتجاذبها الأطماع، وقد تعلمنا أن مصر تجوع لكنها تصبر، وتهزم لكنها لا تستسلم، ويتحمل شعبها تبعات ذلك، لكنه لا يقبل أن يكون عبداً أو مسلوب الإرادة، وإن سكت حيناً جعل العالم كله يلتفت إليه عندما يتكلم.

وما كان شعب مصر يستحق أن يعيش على هامش الحياة، وأن تسرق منه أحلامه، وتشطب أمانيه، وأن يعيش فقط من أجل توفير لقمة العيش، ويتحول إلى ما يشبه الآلة، يرى الخير من حوله ولا تطوله يداه، وتفتح له أبواب الهروب إلى بعيد، متغرباً، مشتتاً، في كل الأنحاء، ثروات بلاده التي لا تحصى يتلاعب بها حفنة من الجشعين، ويد البطش ممدودة لتكتم أنفاس من ينطقون، شعب مصر ليس «حرافيش» نجيب محفوظ، وليس من الرعاع الذين ينقادون مثل القطعان، وقد أخطأ كل من تعامل مع الشعب المصري بهذا المنطق، ويخطئ اليوم أيضاً كل من يظن أنه قادر على أن يوجه هذا الشعب على هواه، وأن يصبغه بصبغته أياً كان لونها، وأن يجعله أسير فكر واتجاه وتمييز طائفي ومذهبي، إنه شعب حر يستحق أن يُحترم رأيه وتُصان كرامته.

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر