أقول لكم

محمد يوسف

التقيت مسؤولاً تونسياً كبيراً في بداية صيف ،2007 وكان اللقاء في المنطقة الرئاسية بقرطاج، وخلال النقاش، قال ذلك المسؤول « أنتم تقودون الحضارة العربية الحديثة ». وكان الحديث حول الدور الذي تلعبه دبي على المستوى العالمي، والطفرة الشاملة للإمارات، في اختصار الزمن والانتقال إلى مراحل التمكين، بعد البناء والتطوير.

المسؤول الكبير كان ضمن الصف الأول خلف الرئيس زين العابدين بن علي، وبعد عام واحد من ذلك اللقاء، أصبح ثالث ثلاثة يحتلون التسلسل القيادي، وقد كان شريكاً في الحكم بكل ما تعنيه كلمة الشراكة، ومع ذلك لم يستفد من درس دبي والإمارات والخليج بشكل عام، فتونس ليست فقيرة، هي تونس الخضراء وتونس السواحل الممتدة، وهي الوجهة السياحية الجاذبة، وهي النخل والتمر والريحان، ترابها ثروة، وهواؤها ثروة، لكنها اغتصبت، أراضيها جُيرت لبضعة أشخاص، وخدماتها وضعت في يد من لا يشبعون من الأقارب، وهم ثلاثة أو أربعة، باتت هوياتهم معروفة، وما ارتكبوا من فضائح تجاه بلادهم متداول، كأنهم يعملون من أجل توفير ما يكفيهم لألف سنة، ولم يحسبوا حساب الناس الذين أذاقوهم المر لينعموا هم في التلذذ بالعسل!

وإذا قلنا اليوم إن الشعب التونسي ما كان يستحق أن يعيش الحياة التي عاشها في عهد بن علي لا نجانب الحقيقة، فهذا الشعب كان يستحق أن يستقر، وأن يعيش في بيت يؤويه، وأن يجد مصدر رزق يطعم منه نفسه وعياله، وأن تحترم إنسانيته وتصان كرامته، لا أن يكون طعماً لأسماك القرش في البحر الأبيض الذي يقطعه في زورق صيد صغير هارباً نحو الساحل الأوروبي، وأن يعيش من يصل معتقلاً في معسكر أشهراً عدة، ثم يكون لاجئاً يتكرّم عليه الأوروبيون بالمسكن والطعام، وبعدها يشتغل في أدنى الأعمال وأكثرها إهانة، فقط لأن مجموعة حاكمة قررت أن تسرق قوته وأمنه وكرامته وحضارته!

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر