أقول لكم

محمد يوسف

الشعب الليبي يستحق أن يعيش مكرماً معززاً في بلاده، وأن تكون لديه أفضل بنية تحتية في كل إفريقيا، فأرضه تنبع ثروة، وعدده قليل، والفائض يؤسس لمستقبل باهر للأجيال المقبلة، وكان من حقه، من حق كل فرد ليبي، أن تكون له وسائل العيش الكريم متوافرة، وفرص أبناء الوطن متساوية، وأن يحصل على مسكن لائق، وتكون له مدرسة حديثة، وجامعة يشار إليها بالبنان، والمستشفيات تضم أفضل الكوادر الطبية في التخصصات كافة، وأن تكون وظيفته مناسبة لمؤهلاته، وبمقابل يوازي حجم الدخل الوطني.

ولكن الشعب الليبي لم يحصل على شيء، فقط أولئك المقربون الذين ينتفع بهم القائد وأبناؤه وحاشيته هم المستفيدون، والدعاية الخارجية تستنزف القسم الأكبر من الدخل، وما تبقى يخزن في حسابات متطايرة في أنحاء الكرة الأرضية، وقد رأيتم طرابلس خلال الأيام الماضية، ولابد أنها صدمت من لم يرها منكم على الطبيعة، فهذه مناظر لمدن كنا نعرفها في بدايات السبعينات هنا في الخليج كله، وللعلم كان إنتاج ليبيا من النفط طوال السبعينات والثمانينات يزيد على إنتاج الإمارات، وكذلك قطر، ومع ذلك لا يمكن مقارنة أصغر مدينة في هاتين الدولتين بطرابلس، وطرابلس كانت مدينة حضارية قبل أن يتسلمها القذافي، فهو وجد إرثاً معمارياً، وبنية تحتية، وشعباً متعلماً، بخلاف دولنا في الخليج التي كانت لا تجد غير الكفاف قبل حقبة النفط، ولكن البناء للأرض والإنسان كان حاضراً هنا، وغائباً هناك، حتى وجدنا الشعب الليبي يعيش مهاجراً أو منفياً في بقاع الأرض، يبحث عن نفسه وعن كيانه، وعن الحضارة في بلاد أخرى، ولدى شعوب تحترم إنسانية الإنسان، في الوقت نفسه الذي كان يرى فيه الملايين يتوافدون إلى بلاده طلباً للعمل والرزق.

ومثل الشعب الليبي تستحق كل الشعوب العربية أن تعيش حياة كريمة، وأن ينظر إليها على أنها أساس وجود الأنظمة بأنواعها، وأن تكون هي محور اهتمام قياداتها، وكم نبهوا وضربوا الأمثلة عن النموذج الخليجي، ولكن الغرور والجشع وحب التملك والسيطرة غيبت العقل لدى البعض، ورأينا النتائج!

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

 

تويتر