أقول لكم

محمد يوسف

من عاش القهر لا يقهر الآخرين، ومن ذاق الذل لا يقبل بإذلال غيره، ومن واجه الظلم لا يظلم، ومن كان حتى يوم أمس يتباكى على العدالة يجب أن يكون عادلاً.

قلت ذلك لأحد قادة ثوار ليبيا مساء يوم الإثنين، وفي تلك الليلة التي سقطت فيها طرابلس، وكان أحد الأصدقاء قد أوصلني به هاتفياً، وما دفعني إلى ذلك تصريحات وصرخات بعض من يلصقون أنفسهم بتلك الثورة، فقد كانوا يتنادون إلى القتل والثأر والانتقام، وهذا ما لا نتمناه لهذه الثورة، وتسربت أنباء عن مجازر ترتكب، وحرمات تنتهك، حتى وصلت إلى منزل أكبر أبناء معمر القذافي، وهو معروف بأنه غير مرتبط بمؤسسة الحكم في ليبيا، وإن كان والده الحاكم، وهو الذي أبلغ عن مكان وجوده مع أمه وأسرته، وطلب الأمان وأعطي له، ولكنه نقض، وسمعناه ينطق بالشهادتين وهو على الهاتف يتحدث إلى إحدى القنوات الإخبارية، بعد أن سمع إطلاق نار في فناء منزله.

وقد فعل خيراً ذلك الشيخ الهادئ والمتمكن من إدارة الأمور حتى الآن، عندما خرج وهو رئيس المجلس الانتقالي ليعلن رفضه كل أشكال الانتقام وارتكاب الجرائم باسم الثورة، وهدد بالاستقالة لأنه لا يريد أن يتحمل وزر الدماء التي يمكن أن تسيل في حالة الانفلات والتهور، فالمستشار مصطفى عبدالجليل كان وزيراً للعدل في حكومة القذافي قبل الثورة وحتى الأسبوع الأول فاستقال، استقال لأنه رفض استخدام القوة من قبل النظام، ورفض إراقة الدماء وإزهاق الأرواح، واختار أن يكون في صف أبناء وطنه، وكان يعرف أنه دخل في المجهول، ومع ذلك لم يتردد، وتحمّل الأعباء بعد اختياره قائداً للثورة، ولأنه لم يقبل بالقهر والظلم والاستبداد والذل من القذافي، لن يقبل بأن يتحول أصحاب الحقوق إلى قتلة وأسياد جدد يكسرون كرامة شعبه.

 

تويتر