أقول لكم

محمد يوسف

كنت قد كتبت مقالاً يوم أمس وأرسلته إلى الصحيفة قبل ساعات من أحداث « إيلات » وما تبعها مساء الخميس، وكان حول السياج الحديدي الذي تزمع إسرائيل بناءه على حدود سورية والجولان المحتل، وخلصنا إلى اختراع أن تبني الدولة العبرية قبة تغطي كل الأراضي التي أقيمت عليها، أو يظهر شخص يطلب السلام بإعادة الأراضي المسلوبة، وقلنا إن الأسوار لا تحمي، وقد ثبت ذلك من خلال عملية « إيلات » التي اصطادت الحافلات وسيارات السياح، وقتلت ستة أشخاص وأصابت آخرين، رغم وجود سياج يفصل إسرائيل عن غزة، ويفصل غزة عن مصر، ويفصل سيناء المصرية عن النقب الإسرائيلية، ويحيط بمنتجع وميناء « إيلات » من كل جهة يوجد فيها طرف عربي، تهاوت الأسوار، وكان ما كان، وحسب الرواية الإسرائيلية فإن المجموعة المنفذة للعملية انطلقت من غزة إلى سيناء، ومن سيناء إلى النقب وإيلات، وهي رواية احتمالية ليس أكثر، ولكنها تعطينا مؤشراً واضحاً إلى فشل سياسة الأسوار المكهربة والملغمة، تماماً كما بدأت تظهر معالم فشل الأسوار السرية السياسية التي كانت قائمة ضمن اتفاقات شفوية مع أنظمة محيطة، فالحال لم يعد كما كان، تبدلت صور كثيرة، وأخرى في طريقها إلى التبدل، وما شهدته مصر مساء الجمعة دليل واضح على أن الانفراد بالقوة من جانب إسرائيل عهد قد ولى، فالشعب المصري مازال يعيش ثورته التي انطلقت في 25 يناير، وكان شعارها الكرامة، ولهذا لم يرض بأن يتطاول نتنياهو أو بيريز على مصر قولاً من خلال التصريحات، وفعلاً عبر قتل ثلاثة عسكريين مصريين من قبل الإسرائيليين على الحدود، فكان أن خرج المئات ثم الآلاف ليحاصروا السفارة الإسرائيلية دفاعاً عن كرامة كل المصريين.

ربما كانت الحكومة الإسرائيلية تبحث عن مخرج من أزمتها السياسية الداخلية والاعتصامات، فكانت عملية « إيلات » فرصة للفت أنظار الداخل إلى الخارج، فأرسلت الطائرات لتصطاد بعض قيادات المقاومة في غزة، ومن ثم الاعتداء على الحدود المصرية، وهذا شيء غير مستبعد، حتى العملية نفسها لو ظهر من يقول إنها مخططة من الحكومة الإسرائيلية لن نستبعدها، لأن التاريخ الإسرائيلي حافل بصنع الذرائع. وبعيداً عن كل ذلك، نقول مرة أخرى إن الأمن لن يتحقق لإسرائيل حتى لو بنت قبة فولاذية محصنة ضد القنابل النووية، ونستشهد بما حدث في « إيلات ».

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه

تويتر