أقول لكم

محمد يوسف

وصل السياج الأمني الإسرائيلي إلى هضبة الجولان المحتلة، سور عظيم من الأسوار التي وضع ذلك الكيان نفسه بداخلها، وهو استكمال للسور الذي يفصل شمال فلسطين عن جنوب لبنان، والسور الآخر الذي يفصل قطاع غزة، والسور الثالث الذي يفصل سيناء، والسور الرابع الذي يفصل الضفة الغربية عما سرق منها وضم إلى الأراضي الإسرائيلية.

حديد بارتفاع أمتار، وشبك مكهرب يصعق من يتجرأ ويلمسه، وكاميرات ترصد أية حركة بالقرب من السور، ومجسات تدل على آثار من يمكن أن يعبر، ويقال إن هناك أسلحة رشاشة آلية تعمل حسب نظام دقيق تغطي طريقاً ترابياً بعد السور مزروعاً بالألغام، ومراكز مراقبة ترى وتسمع كل شيء ولا يرى أو يسمع شيء منها أو يعرف من بداخلها، هكذا هي الأسوار التي وضع الإسرائيليون أنفسهم داخلها، وقد رأيت النموذج المحيط بجنوب لبنان، ولا أخفي عليكم أنه يبث الخوف في قلوب أشجع الشجعان عندما تراه وتقف قريباً منه لأول مرة، ولكنه عند الذين اعتادوا عليه أصبح مثله مثل الأعشاب الطفيلية التي تنبت هناك، وتحول إلى عائق ليس أكثر، قد يعطل الحركة حيناً، وفي النهاية لا يمكن أن يكون أقسى من الجبال الرواسي ومنحدراتها ووديانها.

يقال إن إسرائيل خائفة من تدفق مليوني عبر الجولان إلى فلسطين، من أبناء فلسطين الذين مازالوا يعيشون في مخيمات اللاجئين منذ حربي 48 و،67 والسور خطوة استباقية للخطوة التي تزمع السلطة الفلسطينية اتخاذها بالذهاب إلى الأمم المتحدة طالبة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وسواء تمت حركة النزوح هذه أم لم تتم، وسواء أعلنت الدولة في الشهر المقبل أم لم تعلن، وسواء منع هذا السور الجديد الناس من عبور الجولان اليوم أم لم يمنعهم، فإن غداً سيكون على إسرائيل أن تفكر في شيء آخر يحميها، شيء غير الأسوار ذات الارتفاعات التي لا تتجاوز بضعة أمتار، وربما يهديها التفكير إلى اختراع قبة تمتد إلى عنان السماء، وتغلف كل الأراضي الفلسطينية التي تعتبرها أراضيها، قبة تكمل فكرة القفص، فقد تكون حلاً ناجعاً لمن وضع نفسه داخل الأسلاك الشائكة وحقول الألغام لبضع سنوات، وربما يظهر هناك شخص يقتنع بأن السلام وحده هو الذي يوفر الأمن، والسلام يكون بإعادة المسلوب والمنهوب.

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر