أقول لكم

محمد يوسف

لم تطلق السلطات البريطانية العنان للشرطة تفعل ما تشاء، صحيح أن مواجهات وقعت خلال أحداث الأيام الأربعة، ولكن الحد الأدنى من القوة استخدمت الشرطة، وفي الغالب كان ذلك لردع الذين يهاجمونها.

ولم تستعن الحكومة البريطانية بفرق سرية مكونة من القناصة أو المجرمين لقتل المحتجين في الشوارع، وتحلت بأقصى درجات ضبط النفس.

ولم تعلن الأحكام العرفية أو تفعل قوانين الطوارئ، ولم يسق الشباب كالبهائم إلى السجون بناءً على الشبهات أو الشائعات أو الإخباريات المضللة.

ولم يسل دم لأن « فلان أو علان » كانا يريدان إثبات قوتهما، ولولا الشبان الثلاثة الذين دهستهم سيارة، والرجل الطاعن في السن، لولا ذلك لكان ضحايا كل ما حصل في بريطانيا شخصين فقط.

ولهذا نحن نقارن، ونحتكم إلى حجم التحضر بيننا وبينهم، أقصد بين الربيع العربي وخريف بريطانيا، بين إنسانية وإنسانية، هنا وهناك، وبين حقوق وحقوق، هنا وهناك، وبين الدم الرخيص هنا، والدم الغالي هناك، وبين قانون يذبح هنا، وقانون يستحضر هناك، في مصر كانت هناك عصابات مكلفة بالقتل، وقناصة يتصيدون ما يحلو لهم، وهجوم بالبغال والجمال والسيوف، و850 قتيلاً حصيلة بعض المواجهات، وفي تونس مازال من يتظاهر يداس بالأقدام، بعد الثورة والتحول نحو الوهم مازالت الشرطة تتحدث بلغة الأحذية والهراوات وسحل كل من تلتقطه أيديهم، وكأن دم العشرات الذين سقطوا في ديسمبر ويناير لا يكفي، وفي اليمن لا تحصى الأرقام، هي سلمية ولكن نهر الدم لا يتوقف، وفي ليبيا يقولون إن 10 آلاف فقط ماتوا حتى الآن، وفي سورية يكفينا أن نشاهد مئذنة تهوي إلى الأرض بفعل قذيفة مدفع لنقدر كم يسقط هناك كل يوم.

في بريطانيا لم تسكت الحكومة الدولة، وبعد أن استعادت زمام الأمور، استخرجت أدلتها ووجهت اتهامات، وسحبت كل من ضرب ودمر وسرق واعتدى على الآخرين إلى المحاكم، وهذا هو الفرق.

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر