أقول لكم

محمد يوسف

ما حدث في بريطانيا رسالة تحذير، إنها موجهة إلى كل دول العالم، عنوانها «العدالة الاجتماعية»، ومضمونها «العيش بكرامة أو حياة غير مستقرة تشمل الجميع».

والكرامة التي يبحث عنها الإنسان تبدأ بالمساواة، أن يكون متساوياً في الحقوق كما هو متساوٍ في الواجبات مع الآخرين، وحقه في المعاملة، بحسب إمكاناته وليس لونه أو دينه أو أصله أو الطبقة التي ولد فيها، وحقه أيضاً في الحصول على المأوى الذي يوفر له ولأسرته الاستقرار، وحقه في الحصول على الوظيفة المناسبة لما يحمل من مؤهلات، أي أن يكون مصدر الرزق متوافراً له ولأبنائه من بعده، وحق الإنسان ألا يعامل بأي شكل من أشكال التمييز، ولا يضطهد، ولا يُحط من قدره، ولا تكلف أي جهة أو تترك بأن تمارس التعسف والاستبداد ضده، وأن يكون من حقه مقاضاة أية سلطة رسمية مارست القهر ضده، وألا تكون كلمة صاحب السلطة فوق كلمته، وألا تهدر كرامته لمجرد أنه ينتمي إلى لون تعتبره بعض الجهات علامة على مرتبة أدنى! العدالة تعني المساواة، والدولة الواعية هي التي تحقق المساواة بين الناس، فهي، (أي الدولة)، تطلب من كل الناس أن يحترموا القانون، وأن يلتزموا بالتعليمات، وأن يدفعوا مقابل الخدمات، وتتوعدهم بالعقوبات. لكن الدولة الغافلة فقط هي التي لا تقدم مقابلاً لذلك، فتخلق فئات ومجتمعات هامشية بإرادتها، لأنها ميزت فئة «ووضعت على رأسها ريشة»، يشار إليها بالبنان، وهذا «أصلي» وهذا «تقليد»، توجد مثل هذه التصنيفات للبشر في بعض الدول، كأنهم «شنط» وساعات «جنيف» و«بانكوك»، وهذا «مواطن»، وهذا لاجئ حاصل على الجنسية ولو مر على الثاني ثلاثة أجيال، وهذا «حضري» وهذا «ريفي» استوطن المدينة، وليس من سكانها أو أتباع حضارتها، فتكبر العلامات المميزة، ويكبر الشرخ، وشيئاً فشيئاً تنقسم المجتمعات، وتمتلئ القلوب بالحقد، وتثور الأجيال الجديدة، الشباب يتحركون، ويخرجون كل الكراهية التي زرعت داخلهم إلى العلن، ويحدث ما يحدث وما سيحدث في أي مجتمع لا يفهم كيف يقرأ الرسائل!

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر