أبواب

« اش دعوى يا حافظ »

سالم حميد

أستميح القراء الأعزاء العذر اليوم لعدم إكمال سلسلة مقالات رحلات الصيف، على أن أكمل السلسلة الأسبوع المقبل، فمسلسل «نوح الحمام» المعروض حالياً على قناة «سما دبي»، الذي لم أشاهد منه إلا بعض المشاهد من حلقتين، مصادفة، جعلني أشعر بالاشمئزاز من اللهجة الغريبة المستخدمة في هذا المسلسل، شعور بالاستغراب أيضاً من لهجة من المفترض أن تكون إماراتية في مسلسل إماراتي مدفوع بأموال إماراتية، معظم الممثلين والممثلات فيه من الإماراتيين، ولكنهم قرروا أن يستخدموا إحدى اللهجات الخليجية ومصطلحات مستخدمة في بعض دول الخليج بدلاً من اللهجة الإماراتية في مسلسل من المفترض أن يكون إماراتياً، فهل هو استعرار من «رمستنا»؟! ولنفترض أن مؤلف المسلسل ومخرجه غير إماراتيين، فهل من الصعب إعادة تصحيح العبارات غير المحلية قبل المباشرة بعمليات التصوير، أو على الأقل يبادر الممثلون والممثلات من تلقاء أنفسهم باستبدال الكلمات الدخيلة أو الخارجة عما هو دارج في لهجتنا المحلية؟ إذ ليس من حق مخرج العمل أن يفرض عبارات ومصطلحات غير دارجة محلياً على الممثلين في مسلسل محلي.

بعض الممثلات الإماراتيات المعروفات لدينا، عندما يمثلن في مسلسلات كويتية يبدعن في التحدث باللهجة الكويتية وبطلاقة، وهنا نتفهم السبب، ولكن أن يستمررن في التحدث باللهجة الكويتية وعبارات ومصطلحات من خارج حدودنا في مسلسلاتنا المحلية، فهذا تشويه وتزوير لثقافتنا، وانعكاس سيئ للدراما المحلية لا يبشر بالخير، ولا يجعل المشاهد الإماراتي يشعر بأية أصالة تجاه الأعمال الدرامية الركيكة من هذا النوع، عكس المسلسل المحلي الرائد «اشحفان القطو»، فخر الدراما المحلية، الذي حين تشاهده تشعر بمدى أصالته وأصالة اللهجة المحلية وأصالة ثقافتنا.

الجهات الرقابية الداخلية في تلفزيوناتنا المحلية بحاجة إلى مدققين في اللهجة المحلية، يدققون النصوص الدرامية قبل إنتاجها، بحيث يتداركون الألفاظ والتعبيرات غير الدقيقة أو الدخيلة، وتصحيح نطقها ومعالجتها، بحيث تكون متوافقة مع مختلف اللهجات المحلية، سواء كانت من البيئة الصحراوية أو الساحلية أو الجبلية أو الريفية، فالحفاظ على التراث ومفرداته ومضامينه، إنما هو مسؤولية جماعية، لا تتحملها الجهات الثقافية الرسمية وحدها في الدولة، بل يتوجب على التلفزيونات الرسمية أيضاً أن تسهم في هذا الدور، لا بمحاربة ثقافتنا بالترويج للهجات أخرى، الأمر الذي سيكون له تأثير سلبي في أطفالنا على وجه الخصوص، وسنجدهم تلقائياً يستخدمون العبارات والألفاظ الدخيلة، وربما الكبار أيضاً، تماماً كما هو حاصل الآن مع الممثلين والممثلات الإماراتيين في مسلسل«نوح الحمام»، وإذا كانت تلفزيوناتنا الرسمية عاجزة عن الاستعانة بالمدققين المحليين، فتوجد في كل إمارة هيئة ثقافية حكومية قادرة على القيام بهذا الدور مجاناً، لأن من مهام هذه الهيئات الثقافية الحفاظ على الثقافة المحلية ودعمها.

الغريب أن هذه ليست المرة الأولى التي «يحيس» فيها ممثلونا وممثلاتنا ألسنتهم، وسبق لهم إهانة لهجتنا في مسلسلات سابقة على مدى السنوات القليلة الماضية، ويبدو أنهم عازمون على الاستمرار على هذا المنوال، فإلى متى سنبقى ساكتين؟

ما أقول غير «اش دعوى يا حافظ»، على قولة إحدى الممثلات الإماراتيات! ممكن حد يترجم لو سمحتم؟

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر