كل يوم

ومازال هناك متسوّلون!!

سامي الريامي

إنه ليس رمضان الأول الذي يطل علينا، فهناك 40 رمضان تقريباً مرت على الدولة منذ قيامها، ومع ذلك مازالت ظواهر مختلفة تتكرر بشكل سنوي، تنتعش في هذا الشهر، وتقل في ما عداه، لم تنفع معها التحذيرات الشرطية والأمنية، ولم يقتنع كثير من الناس بضرورة التكاتف مع الجهات الحكومية لاجتثاثها.

ظاهرة التسوّل، وانتشار المتسولين الموسميين في هذا الشهر، هي أكثر الظواهر انتشاراً، تتزايد، ولا حل لها، ولا شك في أن المسؤولية تقع على الجميع، فكل من يدفع درهماً لشخص غير مستحق، هو مساهم بشكل مباشر في انتشار هذه الظاهرة غير الحضارية، ولا عذر لأحد، فالمتسولون المنتشرون في المساجد والأسواق، وتحديداً في هذا الشهر هم جميعاً كاذبون ومدّعو عاهات، أو جماعات منظمة دخلت الدولة في هذه الفترة تحديداً لامتهان التسوّل، واستغلال نفحات الرحمة والإيمان التي تهل على المجتمع بفضل رمضان.

إنه ليس اتهاماً عشوائياً، ولا تعميماً خاطئاً، بل حقيقة قالها كثير من مسؤولي وزارة الداخلية والبلديات المختلفة، الذين ألقوا القبض على مئات منهم، وكشفوا أسرارهم، فمنهم الغني، ومنهم من دخل بتأشيرة رجل أعمال، ومنهم من ينزل من سيارة فارهة، وأخرى تحمل هاتفاً ذكياً غالي الثمن، وأغلبية منهم تحمل تقارير مرضية مزوّرة، أو وصفات طبية غير صحيحة، وأمثلة أخرى كثيرة، ولا حصر لها، تثبت أن جميع المتسولين في هذا الشهر تحديداً هم مجموعة نصابين!

ومع ذلك هناك من يدفع، وهناك من يتعاون معهم، وهناك من يمتلك طيبة زائدة على اللزوم، تؤذي المجتمع من حيث لا يدري، وهناك من يتردد في الإبلاغ عنهم، على الرغم من أن أبواب الخير والتبرع واضحة ومفتوحة من خلال جمعيات خيرية رسمية كثيرة، أو من خلال أسر متعففة تعيش بيننا، نعرفهم ويعرفوننا، لم يمتهنوا التسوّل، ولم ينصبوا على أحد، بل يمنعهم حياؤهم من شرح ظروفهم لأي مخلوق، على الرغم من حاجتهم الماسة إلى المساعدة مهما كان حجمها!

المسؤولية مشتركة كما ذكرت، ومثلما يتحمل أفراد المجتمع جزءاً منها، لابد أن نلقي بالجزء الآخر على الجهات الحكومية المسؤولة عن إصدار التأشيرات، فهل يعقل أن «معظم المتسولين يدخلون الدولة بتأشيرات رجال أعمال، أو زيارة أو تأشيرات سياحية»!

أيعقل أننا إلى اليوم لم نجد حلاً لهذا الباب الذي أغرق البلد بالمخالفين والمتسولين والمتحايلين على قانون الإقامة؟ ألا توجد ضوابط وشروط وإجراءات يمكن اتباعها لضمان إصدار التأشيرة لمن يستحق فقط؟ هل المسألة صعبة إلى الحد الذي نجد أنفسنا مازلنا نستقبل المتسولين بتأشيرات رجال الأعمال بعد 40 عاماً، ولا يبدو أن الموضوع قابل للحل؟! شيء يدعو إلى الذهول والاستغراب!

لو كانت هناك إرادة حقيقية، من أفراد المجتمع أولاً، ومن الجهات الرسمية المسؤولة ثانياً، لإغلاق هذا الملف، وحصر دخول الدولة على من يستحق، لما شاهدنا متسوّلاً أو متسولة يهيم في الأسواق والمساجد، وبين البيوت محاولاً النصب على كل من يصادفه!

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر