أقول لكم

محمد يوسف

من بعيد نراقب، نعيش الأحداث لحظة بلحظة، نتابع الموت في كل مكان، ونتابع الربيع العربي، ربيع لم تزهر الورود فيه، بل تلونت الأرض باللون الأحمر، وتناثرت الأشلاء لتختلط بالتراب، في ليبيا انتشر الجدب فوق الصحراء، وغاصت الواحات تحت القذائف، حرق ودمار واستكبار، هذا يريد الموت لخصمه، وذاك يرد الموت عن أبوابه، والثالث يطير من بعيد ليرى نتائج قصفه، والدم العربي ينسكب في الأرجاء، يشكل أنهاراً قد تمتع أنظار من ركبهم العند والغرور، فهناك لاتزال تتردد أصداء مقولة قديمة « أنا أو الطوفان »، فهذه شجاعة الفرسان في آخر الأزمان « إما أن أجثم على صدوركم وأنتم أحياء وإما أن أدوس على جثثكم وأنتم صرعى سلاحي »، والآخرون يتقاسمون الغنائم قبل أن تكون في أيديهم، يوزعون السراب على بعضهم بعضاً، وينحر بعضهم بعضاً!

وفي سورية تموت الأمة كل يوم، تحت وابل الرصاص ودوي القذائف وصرير الدبابات، مأساة تتشكل هناك، عندما يغيب العقل ويُحتكم للسلاح تكون المأساة، كان فرعون يقول « أنا ربكم الأعلى »، وقد زال فرعون، زال لأن القهر لا يصنع الرجال، والموت لا يولد غير الثأر، والدم عندما لا يكون له سعر لا تطلب مقابله الأثمان، ومن يسترخص دم الآخرين وأرواحهم يسترخصوه، والقوة من دون حكمة هلاك، خصوصاً عندما تكون قوة قامت في الأصل من أجل حماية الناس والدفاع عنهم، وليس قتلهم!

كان الناس ينتظرون أن تُمد إليهم الأيادي القوية، أن تمسح عرقهم، وأن تخفف من روعهم، وأن تطيّب خواطرهم، لكن الأيادي رفعت في وجوههم، بقبضاتها الحديدية، وتعاملت معهم كأنهم لا شيء، أحدهم سماهم جرذاناً، والآخر جراثيم أو ميكروبات أو طفيليات أو حشرات، حوّلوهم إلى نكرات، والشعوب لا يُنكر وجودها، فهي الحياة وهي السلطة، وهي القوة، هي بطاقة الهوية وعنوان الحكم، ومن لا شعب له لا حكم له، هو يقول ذلك، ويحكم على نفسه بأنه لا يمثل أحداً، من يحكم الجرذان والجراثيم لا يحكم أحداً!

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر