أبواب

صور الأحلام

قيس الزبيدي

يعود تاريخ فيلم « العار » إلى عام ،1968 وبعده مرت سنون وأفلام عدة، ليودع بيرغمان جمهوره في مهرجان البندقية مع فيلم « فاني والكساندر » في عام 1983 « بمجرد اعتزالي أصبحت مأمون الجانب، ومضيت أتجول في طريق كواليس الذاكرة المغمورة بضياء عذب. وأصبح عندئذ ضرورياً، أن أرى أفلامي وأن أشاهد على مدى عام نتاجي خلال 40 سنة (...)، ووجدت نفسي في مواجهة عنيفة مع واقع أفلامي. فأنا حينما لا أبتكر، لا يعود لي وجود ».

كان بيرغمان يعيش في الحقيقة طفولته ويسكن باستمرار في حلمه، ومنه يقوم أحياناً بزيارات للواقع. ويبدو من الصعب التفريق عنده بين ما هو ثمرة الخيال وما هو ثمرة الواقع. لكن كانت هناك أشباح حكاياته وأطيافها، وهو يتساءل في شيخوخته إن كانت حكاياه واقعية؟

كان ولع بيرغمان شديداً بتصوير الأحلام، لأنها تثير في نفوس شخصياته من المشاعر أكثر مما تفعل الأحداث، كما أنه لم يكن ينظر إلى أحلامه، سوى أنها توسيع للواقع، وأصبح تمييز الأحلام في أفلامه يزداد صعوبة: فيلم « الصمت » مثلاً هو حلم من أوله إلى آخره، ويتعانق في« الفراولة البرية » الواقع مع الذكريات مع أحلام اليقظة وأحلام النوم، وفي « وجهاً لوجه » ثمة أربعة أحلام، وفي « شغف » يبدأ الحلم حيث في « العار »، الواقع نفسه. أما في « سوناتا الخريف » فقد كان ينبغي أن يبقى، حسب مخرجه « حلماً لا فيلم حلم، إنما حلم فيلم ».

يسأل ناقد فرنسي « صور. الفن السابع (60) دمشق/ ترجمة زياد خاشوق »: هل عمل بيرغمان في « سوناتا الخريف » على الطريقة البيرغمانية؟» ويحلل الناقد دينيس ماريون، الذي درس مختلف جوانب أعماله الفنية « لا يسعنا الحديث عن أسلوب خاص ببيرغمان كما نتحدث عادة عن أسلوب اورسون ويلز أو رينيه كلير أو فيسكونتي أو غيرهم من كبار المخرجين، فقد تبنى بيرغمان أساليب مختلفة وناوب بينها وخلق، بالمقابل، عالمه الخاص»- بيرغمان الفن السابع (130) دمشق ترجمة هنرييت عبودي.

أحب بيرغمان تاركو فسكي وأعجب به ووجد: أنه شخص عظيم جداً: « ولكن إعجابي بفيلليني لا حدود له ». غير أنه يرى، عموماً، أن تاركو فسكي استمر يعمل على « طريقة » تاركو فسكي وفيلليني استمر يعمل على « طريقة » فيلليني، وبونويل أخذ يكرر دائماً خدعه وينوّعها وعمل على « طريقة » بونويل ونجح في ذلك دائماً، أما كوروساوا فلم يعمل أبداً على الطريقة الكوروساوية.

بدوره يرى فيلليني طريقة - بيرغمان.زُو لاكها رد فايسه- « تأتي من أسلوب سرده ومن غنى شخصيته، وتأتي، قبل كل شيء، من قدرة التعبير عن نفسه. ويبدو أسلوبه مثل خليط يجمع بين اللاعب الساحر والحاوي، بين النبي والمهرج، بين بائع ربطات العنق والواعظ. نعم كل ذلك يسفر عن فنان حقيقي».

وبدوره يجد وودي ألن بيرغمان فنانه المفضل « رغم أني أحب بونويل وانطونيوني وفيلليني ورينوار وتريفو، وكل أولئك المخرجين الجادين، لكني إذا ما راجعت نفسي تماماً، فإني أفضّل بيرغمان عليهم ».

سبق لتريفو أن كتب في مجلة « الدفاتر الفرنسية »: « كل مرة كانت أفلامه تدهشنا ببساطتها. وكانت تكسب عدداً أكبر من المشاهدين في عدد أعظم من البلدان ».

alzubaidi0@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر