أبواب

السائح الدليل

سالم حميد

توقفنا الأسبوع الماضي حول الفتاة الغجرية التي عرضت عليّ خاتماً مزيفاً بـ50 يورو، ولكنني تجاهلتها مكملاً سيري، رغم أنها حاولت اللحاق بي وتخفض من سعر الخاتم حتى أنزلته إلى 5 يورو مقابل بيع هذا الخاتم العديم القيمة. هذه هي إحدى حيل الغجر بخلاف الحيل الأخرى، حيث تقوم الفتاة، في حركة تمثيلية متقنة، بقذف الخاتم أمام أحد المارة، فإذا قال المار إنه صاحب الخاتم ستطلب الفتاة منه مقابلاً مادياً كي يأخذه، وإذا قال إنه ليس صاحبه ستحاول بيعه له بأي ثمن. وفي حيلة أخرى تعرضت لها في مدينة برشلونة استوقفتني فتاة غجرية تحمل في يدها خريطة المدينة، تطلب مني بإنجليزية طليقة أن أدلها على مكان معين في الخريطة، رغم أن هيئتي تدل على أنني سائح أجنبي! لكنني وضحت لها الطريق وأكملت سيري ليستوقفني غجري آخر يحمل أيضاً خريطة في يده ويطلب مني بإنجليزية واضحة وسليمة أن أدله هو أيضاً على مكان معين! فتساءلت: هل يعتقد هؤلاء أنني موظف مختص لخدمة السياح هنا؟ وبمجرد مرور ثوانٍ معدودات جاء شخص آخر ليستوقفنا نحن الاثنين، مدعياً أنه رجل أمن وأبرز بطاقته الأمنية، كنتُ أعلم أنها بطاقة مزورة، ولباسه مدني، ثم طلب منا بالإنجليزية أن نبرز ما يثبت هويتنا، فقام الغجري في حركة تمثيلية واضحة بإبراز هويته ولكنني رفضت أن أبرز هويتي، فقال لي «هل تحاول شراء الكوكايين من الغجري؟»، أجبته «اغرب عن وجهي، فأنا أعرف ألاعيبكم جيداً يا معشر الغجر»، ثم تجاهلتهم وأكملت طريقي، ولم أعرف بماذا كان يشتمني بلغة الغجر.

هذه الحيلة يقوم بها الغجر على نحو واسع في مدينة برشلونة تحديداً، ويتربصون بالسياح الأجانب في الأماكن غير المزدحمة أو في الأزقة، ويختارون بعناية فائقة الشخص الغريب الذي يمشي وحده، وبخفة يد سريعة ينتشلون أموال السائح من دون أن يشعر عندما يخرج محفظته لإبراز هويته، لذا أنصح الزائر إلى برشلونة بأن ينتبه إلى هؤلاء، وألا ينخدع بطلاقة لغتهم الإنجليزية، فمن النادر جداً أن تجد رجل شرطة إسبانياً يجيد الإنجليزية. أما الغجر في أوروبا فلا أعلم كيف استطاعوا أن يتعلموا جميع اللغات الأوروبية وهم في الأساس أناس جهلة وغير متعلمين! ولكن واقعهم المنعدم الأخلاق، وغير الراغب في كسب قوت يومه بالحلال دفعهم إلى تعلم اللغات لهدف سيئ، ولا تُلام دول أوروبا الغربية على معاملتهم بدونية لأنهم هم من قاموا بتحقير أنفسهم، عكس اللاتينيين تماماً، فاللاتينيون جاؤوا من أجل العمل المشروع وليس التسول أو استجداء المارة على نحو مخزٍ للغاية.

إن أكثر ما يزعجني عندما أسافر وحدي حالات الاستفسار التي أواجهها في الشارع، فكيف لي كسائح أن أدّل الآخرين على أماكن أو معالم معينة، وقد واجهت هذا الأمر مرات عدة في مختلف الدول والمدن، وغالباً ما أجيبهم إجابات صحيحة، حيث أحرص قبل كل سفرة على دراسة البلد أو المدينة المراد زياراتها واتباع الإرشادات بكيفية استخدام المواصلات العامة، وتحديد المعالم والأماكن السياحية أو الأماكن الأخرى التي أرغب في زيارتها.

وللحديث بقية الأسبوع المقبل.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر