أقول لكم

محمد يوسف

قال أحدهم، وهو خبير يشار إليه بالبنان في علم التبرير و«تخريج» الحلول، إن الولايات المتحدة الأميركية تغار من البلاد العربية، ولهذا تعمل على هدم استقرارها وإزالة أنظمتها الحاكمة، خصوصاً الجمهوريات، وسبب الغيرة أن الرئيس العربي يأتي إلى الحكم من بين عامة الناس، مثل أوباما لا أصل ولا نسب أو حسب، وبعد فترة وجيزة يصبح إمبراطوراً غير متوّج، يفعل ما لا يفعله الملوك والسلاطين، ويجمع كل شؤون البلاد والعباد في يده، هو ينصّب من يشاء ويبعد من شاء، هو القاضي، وهو القائد، وهو الآمر الناهي، ويتدخل في كل شيء، في الصغيرة والكبيرة، وعلى الوزراء أن يصطفوا عند بابه، يرى من يريد ويمنع من يشاء من الدخول، بحسب المزاج والرضا، وينظر في كل شيء، ويملك طاقة عجيبة، يطلع على تصاميم أسواق السمك، ويخطط الطرقات، ويحدد كمية البضائع التي تدخل البلاد وأنواعها، وينظر في النواقص، ويوزع التراخيص التجارية وتوكيلات الاستيراد على الأقرباء، ومن بعدهم الأعوان، وإذا كبر في السن، وترهل قليلاً، يبحث عن الأصهار بعد الأبناء، ومنح السيدة حرمه كل الصلاحيات، وعينها وصية على اقتسام الثروات، إحداهن تؤسس شركة «ليموزين»، تدير «تاكسي» المطار، وأخرى تدرس أبناء المواطنين في مدارسها الخاصة التي لا يقدر على دفع رسومها إلا أعضاء الدائرة المحيطة بها والمحتالون، والثالثة تزوج صديقاتها ووصيفاتها بأصحاب النفوذ حتى لا يفقدوا النفوذ، وتحاك الميزانيات في الصالونات الهادئة، توزع أبوابها، وتجير معظمها لمصلحة المصروفات السرية، بينما في أميركا، في سيدة بلاد العالم، هناك «كونغرس» له رأي يغلب رأي الرئيس، وحزب منافس إذا قال «لا» تجمدت كل صلاحيات الرئيس، وهناك من يراقب حلاقة رأس الرئيس كما حدث مع بيل كلينتون ذات يوم، وعلى الرئيس أن يترجى هذا، وأن يحني رأسه لذاك، وأن يقبل الابتزاز ويمرر شيئاً للذين يمررون له ما يطلب، وقد يحاكم إذا خرج عن المألوف، وهو رئيس يحاكم وليس بعد أن يرحل، فكيف لا تغار أميركا من جمهورياتنا العربية؟!

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر