5 دقائق

وحوي يا وحوي..

ميره القاسم

ها هم أهل الفن استعدوا لدخول شهر رمضان بأسلحتهم الفتاكة.. فوازير ومسلسلات وسهرات غنائية واستعراضات راقصة، حتى يولي الناس وجوههم شطر الفضائيات والإذاعات والأندية والمسارح والفنادق، كأننا غير مقبلين على شهر الرحمات الذي أنزل فيه القرآن، وكلامي هذا ليس يعني أن ينفض الناس أيديهم عن الدنيا ويتأهبوا لخلعها، لكنني أفترض أن نعلن الخصومة وألا نعيرهم اهتماما ونلتفت إلى أنفسنا نفتح معها حوارا صادقا حتى تسمو أرواحنا وتصفو ضمائرنا لنستعيد قيماً أصيلة كدنا ننساها.. قيم اعتدنا أن نستقبل بها رمضان لمراجعة النفس والتوبة والتصالح مع الذات، ومن خلال زاويتي هذه أدعو الجميع إلى استقبال هذا الشهر بشيء من الوقار واستثماره في حساب التجارة الرابحة، واعتباره منحة ربانية.. أدعوهم لمقاطعة المسلسلات الدرامية الفجة والفوازير الوقحة وطبق اليوم الممل والخيم «اللاّرمضانية»، فليست هذه الأشياء هي المقصد السليم الذي نفتتح به أياما غالية وعزيزة على نفوسنا لا تأتي في العام إلا مرة واحدة.

لست على عداء مع أهل الفن، ففيهم من هو جدير بكل احترام وتقدير لفهمه أن الفن الحقيقي هو الذي يسمو بإنسانيته ويرتفع بها إلى أقصى درجات الذوق، لكن هناك فئة منهم لا يفرقون بين شعائر الله التي يجب أن تعظم لأنها من تقوى القلوب، وبين الليالي الترفيهية، وللأسف فإن كل لياليهم على هذا النحو من الصخب والطرب والأنس، والناس معذورون في كل مكان فمن يستطيع أن يقاوم المطربة التي تغني بكل ما أوتيت من إثارة وفتنة ، و«مش هتقدر ترمش بعنيك»، حين ترى المذيعة الدلوعة ـ ملكة جمال الإعلاميات ـ تتمايل إلى اليمين تارة وإلى الشمال أخرى، حتى ليشك الواحد منا في أنها ستسقط عليه في آخر الأمر، أما فوازير هذه السنة فحدثْ ولا حرجأ فقد قرر أحد الفنانين وبإصرار أن يكونأ «شريهان الخليج» الأول!

ولا أدري لماذا يحرص البعض على مشاهدة المسلسلات الخليجية المملوءة بالمآسي المبالغ فيها إلى حد الكآبة المزمنة، والجلابيات المزركشة والشفاه المنتفخة والوجوه المتغيرة مع سياسة التغييرات السائدة في الوطن العربي، وأتذكر سؤال صديقة عربية، قالت لي: «أنتم هيك في الخليج أنيقات طول الوقت في البيت مثل ما عم بنشوف في مسلسلاتكم؟!» لا تعلم أن بعض النساء «تخرّع فريج كامل اذا نشت من رقادها»! ـ بدون زعل ـ فكل ما نراه اليوم هو الغث الذي يتفشى، وكله كوم والفنانة التي أعلنت أنها استعدت لدخول رمضان بشراء بدل رقص تتماشى والشهر الفضيل لأداء دورها في مسلسلها الفذ، صدقوني لستُ متزمتة فأنا أستقبل رمضان بطقوس لا تختلف عن جل الناس البسطاء، حيث أردد مثلهم تماماً في طفولة «رمضان جانا وفرحنا به بعد غيابه وبقاله زمان أهلا رمضان، قولوا معايا أهلاً رمضان».

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر