أقول لكم

محمد يوسف

ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا العظمى، هو من بيده السلطة، وصاحب السطوة، ومع ذلك لا يستطيع، بما يملك من قوة، أن يمنع التحقيق والمحاكمة عن مستشاره المتهم بالتنصت، عندما كان رئيساً لتحرير «نيوز أوف ذا وورلد»، صحيح أنه دافع عنه في مجلس العموم، وكان دفاعه مستميتاً، وقدم كل المبررات التي يملكها، لكن الهجوم عليه أيضاً كان قوياً، ما جعله يعجز عن الجلوس على مقعده بضع ثوانٍ ما بين الإجابة والرد من جديد، واحتقن الدم في وجهه، وارتفع صوته، واستشهد بوقائع قديمة، وقعت عندما كان حزب العمال المنافس هو الحاكم، لكن الواقعة التي تناقش كانت أكبر من كل سلطاته وصلاحياته، ففي المقابل هناك 4000 شخص تم الاعتداء على حريتهم الشخصية، عبر مراقبة هواتفهم ومكالماتهم ورسائلهم، وقد تحرك النظام القانوني من أجلهم، وعندما يتحرك القانون هناك في الغرب لا يقف في وجهه أحد، واكتفى كاميرون بأن مساعده أو مستشاره بريء حتى تثبت إدانته.

نعود إلى من قال إن قضية «نيوز أوف ذا وورلد» قد أخذت حجماً أكبر من حجمها، ونعيدها إليه بجميع تفاصيلها، ونقول له: ماذا لو كانت هذه القضية قد سُربت في أحد البلدان العربية، ماذا كان سيحدث؟ وقبل أن يحك رأسه أو يحاول أن يبحث عن الكلمات المناسبة، سنرجعه إلى الواقع، إلى ثقافتنا التي تربينا عليها، وستمر الصور أمامنا جميعاً بتفاصيلها المعاكسة تماماً لتفاصيل الآخرين، فالمسألة عندنا، في شرقنا وغربنا، ليست بحاجة إلى رئيس وزراء أو مسؤول كبير حتى تحسم، بل قد تكون من اختصاص بعض المبتدئين، أو صغار الموظفين، ولا تحتاج إلى أكثر من الضغط على أزرار الهاتف، ثم بضع كلمات فيها توبيخ، وفيها تحذير، وفيها شيء من التهديد، وتختفي التفاصيل كافة، فالمصيبة أن عالمنا العربي تأسس على أن المخالفات القانونية والأخلاقية إذا تمت بمعرفة الجهات المختصة أو رعايتها لا تعتبر مخالفات، وعندهم يستقيل مدير الشرطة، لأنه كان على علم!

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر