أقول لكم

محمد يوسف

يرى بعضنا أن قضية التنصت البريطانية قد ضُخمت وأخذت حجماً أكبر من حجمها بكثير، بينما يرى أهل بريطانيا وأوروبا بشكل عام أن هذه القضية مازالت تتدحرج لتكبر مثل كرة الثلج، وأن عدد ضحاياها مازال قابلاً للصعود، وأنها ستطال كل من أسهم فيها، حتى لو كان رئيس الوزراء.

بعضنا هذا يرى الأمور من منظوره، ولهذا لم يستوعب كل هذا الاهتمام البريطاني والغربي بمسألة كان يمكن أن تنتهي، كما يقولون، عندما قرّر مردوخ إغلاق صحيفة «نيوز أوف ذا وورلد»، تكفيراً عن الخطأ الذي ارتكب، ويقولون لماذا ينشغل مجلس العموم، أي البرلمان، بهذه القضية؟ ولماذا يستقيل قائد شرطة لندن؟ ولماذا يستجوب مردوخ، وهو ليس أكثر من مالك لدار النشر؟ وهذا المنظور، بلا شك، هو نتاج ثقافة تربينا عليها عربياً، فنحن ممنوعون من النظر إلى أبعد من تحت أقدامنا، ونقول دائماً إن هناك من هو مسؤول عن الأشياء الكبرى، مثل الحقوق والحريات، وذلك المسؤول هو الذي يملك حق المحاسبة واتخاذ القرار، وعادة نُدخل اسم الدولة أو الحكومة في صلب الموضوعات، حتى إن كانت تلك الموضوعات تمس حياتنا، فدائماً الحكومة هي الأدرى، والدولة هي التي تعرف، وهذا اختصاص الجهات المعنية، ولهذا هاجت وماجت بعض الدول العربية، وثبت أن إلقاء الأعباء على الدولة ليس هو الحل الأمثل، فالدولة، خصوصاً المستبدة، تحب أن تظهر بصورة جميلة، وحتى يتحقق ذلك تطمس كثيراً من التصرفات المخالفة للقوانين، والمتعدية على حقوق المواطنين، وتمنع ظهورها إلى العلن، ما يؤدي إلى استشراء الفساد بين أتباعها، وتلجأ إلى الاستبداد للتغطية على تلك الأفعال، وما رأيناه في الأشهر السبعة الأخيرة، وما تبين من أفعال وممارسات في الدول المهزوزة بفعل غضب الناس، كان شيئاً عظيماً، وعندما يسأل أي شخص اليوم: لماذا سكت بالأمس؟ سيرد بأنه كان ممنوعاً من مجرد مناقشة ما يحدث، هكذا تعلّم، وهكذا تربى، وهكذا تثقف على يد المنظّرين، فأصبح الصمت والخوف والانزواء وعدم قول كلمة الحق، هي رصيده المتراكم، بينما الغربي لديه شيء آخر هو الذي أوصل مردوخ إلى جلسة التحقيق في البرلمان البريطاني، وأسقط رئيس شرطة لندن، وهزّ كرسي كاميرون.

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر