أقول لكم

محمد يوسف

نحن لسنا أوروبا، هذا شيء مفروغ منه، بالشواهد والأدلة والأرقام وحتى الأحاسيس، لا يمكن أن نقارن أنفسنا بأوروبا، ولنأخذ موضوع مجاعة الصومال والأزمة المالية اليونانية مثلاً، ففي الوقت الذي جلسنا فيه ننتظر من العالم أن يمد يد العون إلى الذين يموتون جوعاً في الصومال نجد أوروبا تتنادى من اجتماع إلى آخر لتضع حلولاً للديون ونقص السيولة النقدية في اليونان، نجد أن أمين عام الأمم المتحدة يتحدث عن مليار ونصف المليار دولار فقط لمواجهة الجوع والجفاف في الصومال، ويستجدي أهل الخير لدفعها، ونجد أن أمين عام جامعة الدول العربية لا يعرف حجم مأساة الصومال، العضو في الجامعة، بينما نجد في الجانب الآخر الاتحاد الأوروبي بكل دوله وأمانته العامة يتوصل إلى حل بمليارات تصل إلى 158 مليار يورو لإنهاء الأزمة اليونانية، ولم تتدخل الأمم المتحدة، ولم تستغل أزمة الشعب اليوناني في استجداء أحد.

الفارق كبير، بل كبير جداً، ولا نملك حتى القدرة على التعلم، نحن وجدنا جامعة عربية ميتة منذ أن تأسست، جامعة لم تجمع، وفي ظروف عدة أعاقت، فهي لم تنفع في السياسة، ولم تنفع في حل الأزمات العربية العربية، ولم تنفع في الاقتصاد، ولم تنفع في الإغاثة خلال الكوارث الطبيعية، لم تنفع إنسانياً أو اجتماعياً، حتى في الدراسات والإحصاءات لم تنفع، بينما الأوروبيون استفادوا جيداً من أزمتهم الكبرى في الحرب العالمية الثانية، وعرفوا أنهم إذا أرادوا الاحترام والمكانة والتقدير لابد أن يخرجوا من تلك الزاوية الضيقة التي أوقعتهم فيها الانتماءات الإقليمية والعرقية، وهي أداة هتلر وموسوليني وغيرهما، والتي أدت إلى دمار الحضارة الأوروبية ومقتل نحو 60 مليون شخص، ولم تمنعهم اللغة من التوحد، ولم تقف الفروقات في الداخل وقوة الاقتصاد عائقاً أمام تكوين وحدة اقتصادية كبرى، الغني دفع، والفقير استفاد، وزالت النعرات، واختفت الحزازات، لأنهم امتلكوا فقط إرادة الحياة من جديد، ونحن لانزال نعتمد على من يعيش في العناية المركزة منذ يوم ولادته، على جامعة عربية لا تعرف لِمَ هي موجودة.

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر