يا جماعة الخير

عرس من المدينة المنوّرة

مصطفى عبدالعال

صحبة كبيرة من الأهل والأحباب بمعيّة شيخ من العلماء الأجلاء يجتمعون دوماً في عمرة سنوية يعتبرونها مصيف الروح والبدن يعيشون فيها جواً إيمانياً يشوقهم دائماً إلى انتظاره من العام إلى العام، وفي جو الود الطاهر والدائم بين مجموع هذه الصحبة ومن خلال تربية الشيخ ورعايته ازدادت الروابط الاجتماعية، ومنها توافق عروسين من أسرتين في هذه الصحبة المباركة. رتبت الأسرتان أن يكون عقد القران هناك، بعد العمرة السنوية في المدينة المنورة، وفي رحاب المسجد النبوي الشريف، تم العقد بساحة الحرم بين المغرب والعشاء، بعد إجراءٍ رتّبه مركز الإرشاد بالحرم، وبعد الصلاة وفي الفندق المطل على الحرم الذي تنزل الصحبة الطيبة فيه جلست العروس في غرفة بين النساء، وجلس المعرس في غرفة ملاصقة بين مجموعة من أهل الفضل والوفاء والعلماء، واقتصر العرس على هذا الحفل الروحاني الرائع، وألبس المعرس عروسه شبكتها بين الأهلين، ثم ختم اللقاء بوليمة أخذها الزوار في غرفهم، بينما اجتمعت الأسرتان مع الشيخ على عشاء عائلي مبارك. كنت أتمنى لكل أحبابي أن يروا هذا الحفل البسيط البهيج الذي تخللته بعض المدائح النبوية والمواعظ الدينية عن بساطة الزواج ويسره وبركته، وأن الله لم يكلفنا بتكاليف تحيل الزواج عبئاً ثقيلاً على العائلتين. وحيّا والد العروس ضيوفه وأصهاره وشيخهم بقصيدة على غرار سنّة السلف الصالح، أثنى الشيخ كثيراً كثيراً ـ وهو أستاذ الأدب والنقد بالجامعة ـ على القصيدة، وتمنى على أحبابه أن تكون ضمن جهاز كل عروسين وتكتب وتوضع في إطارٍ معلقٍ في عش الزوجية، لتكون أمام الزوجين تذكرة على الدوام. ولأني أحد الحاضرين بل طرف في هذا اللقاء الذي مازال قائماً وأكتب اليوم من المدينة المنورة، أحببت أن يعايشنا كل عروسين ويتفكرا في وصية الوالد لابنته وزوجها في ليلة عرس بالمدينة المنورة:

بِنْتِ اسمعي مني نصيحة والدٍ  يرجو فلاحك ههنا وهناك

كوني له أمةً يكن عبداً ولا  يبغي من الرِق الرقيقِ فكاك

وإذا أساء إليك فاعتذري له وتمسكي بوداده استمساكا

وإذا دعاكِ لما يريدُ فبادري  بالبشر قائلةً :مُناي مناك

ولأهله صوني وفيهم تتقي  رباً كريماً لن يُضَيعَ ذاك

ولأُمهِ كوني بُنَيةَ صُلْبها   ولوالدٍ إن شئتِ قلتِ ملاكا

أنا ما وجدتُ كمِثلهم يرضَى بهم   قلبي بديلاً رب جَل هداك

.......................

يا نجلَ أحمدَ أنت نجلي مثلها ولك القوامة ربنا علاك

بشرى لنا قد نلتَ أحمدَ صحبةٍ وبساحِ أحمدَ عقدُنا جلاك

بمَعِيةِ الفضلِ المربي شيخنا وبصفوةٍ هم كالنجومِ إزاك

لو أستطع شكراً لكلٍأ بِاسمِهِ  بل أبتغي حمل النعال هناك

ياسيدي يابن الكرام وهبتك   ريحان قلبي سائلاً مولاك

لكما السعادةَ والهناءَ مع الرضا   إن أخطأَتْ فلِخاطري رُحماك

واذكر لقاء الجمع عند المصطفى  واذكر رعايةَ شيخِنا ووَلاك

وعلى النبي فصل رب مُسّلما  ما حَن مشتاق لنيل رضاك

ما أبسط الود وما أحلى البساطة وما أجمل ديننا في يسره، لم يعد الزواج مجرد مهر بَسطَهُ النبي بقوله {أيسرهن مهوراً أكثرهن بركة}.. والعاقبة عندكم في المسرات.

المستشار التربوي لبرنامج « وطني»

mustafa@watani.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر