5 دقائق

من يرسم لي خريطة؟

ميره القاسم

كيف سيكون حالنا بعد 10 سنوات من انطلاقة الثورات الشبابية التي تشتعل يوماً أبعد آخر دون هوادة؟ كيف سنرسم خريطة الوطن العربي الجديد بعد أن أصبح لدينا سودانان جنوبي وشمالي، وهل تكفي الإجازة الصيفية الحالية لتغيّر وزارات التربية والتعليم في الدول العربية مناهج مادة الجغرافيا بعد هذا التقسيم، أم أن الطلاب سيرسمون «سودان البشير» كما هو أمن دون جنوب مستقل؟!

أتوقع أن دراسة الجغرافيا والتاريخ ستكون ممتعة في هذا العام، فالطالب لا يمكنه رسم دولة لم يتخط عمرها شهرين من بداية دراسته، لذلك أتمنى أن يوجه المعلمون بتأجيل الدروس المخصصة للسودان والدول التي تغيرت مع الثورات إلى العام المقبل حتى نتمكن من التعرف إلى الأنظمة الحاكمة الجديدة وطبيعة تلك الدول الجغرافية.

التصريح الرسمي لابن العقيد القذافي «سيف» وقوله إن بنغازي أضحت مقاطعة فرنسية، يؤكد أننا بحاجة ماسة للانتظار بدلاً من إيصال معلومات خاطئة لطلابنا وتشويه التاريخ الليبي الذي بدأت تتضح ملامحه بعد 40 عاماً من الأخطاء الفادحة.

أعتقد أن أولى خطوات التصحيح في المناهج الدراسية إن أردنا الخير لأبنائنا تتمثل في عدم إجبارهم على دراسة مواد عن دول قد تتغير بين ليلة وضحاها، ومن الأفضل لهم أن نعلق الدراسة عن تلك الدول بتمزيق أو تفويت الصفحات التي تم تخصيصها في المنهج والاكتفاء بدراستهم مواد الدول المستقرة التي تحترم شعبها وتطور أنظمتها الداخلية التي تساعد على توفير الحياة الكريمة لرعاياها دون أن تركز على ابتكار الطرق الإجرامية والاحترافية للزج بهم في السجون وتتفنن في صناعتها وإنشائها، وتفشل في الوقت الذي تفشل في بناء كوخ يحميهم من التشرد وإهدار كرامتهم.

في ظل هذا الوضع القاتم الذي يدعو للسخرية، لا أتصور أن هناك من يستطيع رسم خريطة لعالمنا العربي على نحو صحيح، وفي هذه الحالة لن يكون رسوب أبنائنا في مادة الجغرافيا حكراً عليهم فقط، لكنه سيكون أيضاً من نصيب الجغرافيين الكبار الذين تخصصوا في رسم الخرائط وتفصيلأ المواقع الجغرافية للدول ومعالمها، حتى طبيعة المناخ لن يستطيع أحد وصفها، فالطقس متقلب ويتشكل وفق أمزجة الناس ومستوى أفكارهم الثورية، كما أنني أشك في ثبوت نظرية أن الأرض كروية، إذ إنها من المرجح أن تأخذ شكل مدفع أو دبابة أو ربما طائرة، ما يعني أن الأرض ستكون أشبه ببارجة حربية بفعل الغضب العربي الذي سيشكل معالمنا الجغرافية في المستقبل القريب.

بالنسبة لي لن أنتظر أن يحقق أطفالي العلامة الكبرى في مادة الجغرافيا والتاريخ، ولن أحاسبهم على تقصيرهم فيها، فالأمور لم تتضح بعد وقد يبيع أي زعيم أرض بلده مقابل أوهام يسوقها لشعبه.

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر