أقول لكم

محمد يوسف

شكراً ووداعاً.. بهاتين الكلمتين أقفلت صحيفة «نيوز أوف ذا ورلد» البريطانية أبوابها، وتوقفت عن الصدور بشكل نهائي، فذلك كان العنوان الرئيس لصفحتها الأولى، وطلبت الصفح من قرائها، ورجتهم أن ينظروا إلى سنوات عمرها كاملة، وليس إلى الفضيحة الأخيرة التي «سوّدت وجهها»، ووجه ملاكها والقائمين عليها والعاملين فيها.

لم تنتظر الصحيفة حكماً قضائياً حتى تتخذ القرار المناسب، ولم يخرج مالكها أو رئيس تحريرها ليبرر الخطأ الفاحش الذي ارتكب، فقد كان الخطأ أكبر من التبريرات ومن مواد القانون، وللعلم فإن القانون البريطاني لا يجيز إغلاق الصحيفة مؤقتاً أو بشكل دائم لمخالفتها مواده وأحكامه، ولا يملك أي صاحب نفوذ حق توجيه اللوم أو تقييد عمل الصحافة هناك، لكن أخلاقيات المهنة واحترام المبادئ التي يقوم عليها العمل الصحافي هما الحكم، وعندما تخطئ صحيفة مثل «نيوز أوف ذا ورلد» بحق 4000 شخص، تنصتت عليهم، تكون قد انحرفت عن مسارها وهدفها ومبادئها، هنا لا مجال للجدل والبحث عن الخطأ والصواب، وما يجوز وما لا يجوز، هنا كان الاعتداء على المجتمع وعلى حقوق الآخرين وحياتهم الشخصية وحريتهم المكفولة، هنا القصد والعمد والنية المبيتة لارتكاب المخالفة، وهنا تسقط الصدقية، وعند الغرب يوجد خط أحمر يتوقف عنده الجميع بدلاً من العقوبات الآتية، خط لا يسامح من يعتدي على الأمانة التي وضعت بين يديه، وأمانة الرأي وحق التعبير شيء عظيم، أركانها الصدق والحياد والبحث عن الحقيقة، ومن حاد يَنَلْ جزاءه، والجزاء عندهم يرتكز على سحب الثقة، وصحافة غير موثوق بها لا تعيش عندهم، ولا تغفر السقطات المقصودة أبداً، لا تاريخ يشفع لصحيفة عريقة، ولا علاقة خاصة تشفع لرئيس تحرير يعمل مع رئيس الوزراء، وقد اختصرت إدارة «نيوز أوف ذا ورلد» الطريق، وحكمت على نفسـها بالإعدام، واختفت، وعلمتنا درساً جديداً.

 myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر